القرآن الكريم كتاب الله ووثيقة السماء الخالدة، أنزله ليكون موعظة وشفاء وهدى ورحمة وبرهانًا ونورًا {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (١٧٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [النساء: ١٧٤، ١٧٥]{يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[يونس: ٥٧].
فالقرآن كتاب الإنسانية كلها، ونوره سيبقى يشع ما دامت الحياة، لتهدى به قلوبٌ غلفٌ، وتفتح به عيونٌ عميٌ، وآذانٌ صُمٌّ، وكما جاء القرآن دعوة صريحة للإيمان الصحيح، ومكارم الأخلاق، فإنه جاء كذلك دعوة صريحة للعلم والنظر والتفكر، ويكفي أن أول ما تلألأ من آياته، كان الأمر بالقراءة باسم الرب الذي خلق، الرب الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، ولا نجد كتابًا سماويًا أو أرضيًا، كرم العلم والعلماء، ودعا في مواضع كثيرة منه، للتزود من منهل هذا العلم كهذا القرآن، {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ}[الروم: ٢٢]{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر: ٩]{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: ٢٨]{وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة: ١١]{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[آل عمران: ١٨].
ومن عظيم شأن هذا القرآن وعجيب أمره أنه جعل دعوته للعلم مفتوحة للبشر جميعًا، لم يفرق بين غني وفقير، ورجل وامرأة أحرارًا كانوا أو مملوكين. ولقد ظهر أثر ذلك في وقت مبكر في ظل حكومة القرآن. وإذا بهذه الأمة المنطوية على