للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعرض ونأى بجانبه ناله في دنياه نفع ما من هداية القرآن ورحمته تعليمًا وحضارة ومعاملة ... شَعَرَ وأقر بذلك أو كان من الجاهلين العاقلين، ولكنه في الآخرة من الخاسرين لكفرانه وإشراكه ... وتبدو الرحمة في طبيعة أحكام القرآن وفي تطبيقها وفي عواقبها ... ولنستطرد قليلًا فنتساءل، لماذا لم يهتد الغربيون بالإسلام، فيحسنوا لأنفسهم وللإنسانية جمعاء، ويستحقوا مزيدًا من الرحمة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة. . . (١) إن المصباح المنير الذي يحول الجاهلون بالحجب الكثيفة، دون إشعاع أنواره، يبقى مصباحًا منيرًا بنفسه، ولكن ظهور آثاره رهين بكشف ما بينه وبين أبصار الناس"، ثم يستشهد بآيات وأحاديث كثيرة على هذا الوضوع.

ولا ينسى مفسرنا الفاضل، أن ينبِّه على أن الزكاة المذكورة في الآيات، ليست هي الزكاة المفروضة بتفاصيلها المعروفة، لأن ذلك كان في المدينة المنورة.

[الصور البيانية]

وبعد أن ينتهي من تفسير هذه الآيات، يعرج على ما فيها من صور بيانية مشرقة، ليلفت إليها القارئ، فها هو يلفت إلى ضمير الفصل في قوله تعالى: {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)} وَهُم [لقمان: ٤]، ويبين السر في ترك العطف بين هذه الجمل القرآنية منوهًا بهذا الإيجاز، "لنعد النظر في الآية الكريمة {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)} نجد فيها هذا الائتلاف القوي والضمير المكرر المؤكد ... تلك آيات خمس استقلت كل منها بمعانيها، واشتركت الأربع الأول منها في أداء معاني زمرة الآيات لمناسبة بينها، فكانت متناسقة من غير عطف، لاستغنائها عنه بتآخيها وتعانقها. ثم جاءت الآية الخامسة موضحة متممة، فأشرقت بها المعاني إشراقًا، تأمل في مثل هذا الإيجاز الذي رأيت، وفي فصاحة كلماته وبلاغة جمله، وما تضمنته من دقة التعبير والتصوير


(١) التفسير، ص ٢٠ - ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>