للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستيفاء الغرض، مع سهولة مترقرقة، تر من ذلك شرفًا صاعدًا لا يبلغه بيان البلغاء" (١).

وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: ٦]، يطيل الكلام محذرًا أبناء المسلمين، ما يغزوهم به عدوهم، مبينًا أن هذا اللهو يمكن أن يكون شفهيًا أو كتابيًا، وبعد انتهائه من تفسير هاتين الآيتين يعرج على ما فيهما من صور بيانية (٢). "ويلاحظ أن الآيتين طالتا قليلًا بالنسبة إلى الآيات الخمس سابقًا، تبعًا لموضوعهما مع فصاحة الكلمات وبلاغة الكلام، وانسجام بعضه مع بعض، والتصوير الفني في الصورة الشاملة وأجزائها. {يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} بدلًا من يلهى. {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} بدلًا من، ليصرف بعض الناس عن القرآن والرسول {وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا} بدلًا من يستهزئ بها {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (٦)} بدلًا من، الذين هم كذلك سيعذبون ويهانون {كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا} [لقمان: ٧]، بدلًا من هو متغافل.

هذا فضلًا عن دقائق انتشرت في الكلام، كإطلاق الوصف والحكم، بدلًا من تقييده بذكر شخص معين، {وَمِنَ النَّاسِ} {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (٦)}، وكمعترضة {بِغَيْرِ عِلْمٍ}، فقد جهلت المضلين وفضحتهم ... واستعمال مصدر بدلًا من اسم مفعول {هُزُوًا} مبالغة في الهزء، واستعمال اسم الفاعل {مُهِينٌ} بدلًا من المبني للمجهول يهانون به، فقويت صورة التعذيب بأن تولى أمر العذاب بنفسه، والتزيين المعنوي بالطباق بين {لَهْوَ الْحَدِيثِ} و {سَبِيلِ اللَّهِ} وبالإيغال بذكر


(١) التفسير، ص ٤٧.
(٢) التفسير، ص ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>