وربما تكون اللطيفة الواحدة صفحات كثيرة، كتلك التي نجدها في آخر سورة (براءة). فبعد أن انتهى من التفسير لآخر سورة (براءة)، أورد لطيفة ذكر فيها مقالات كتبها في الصحف، بمناسبة قوله تعالى:{لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}[التوبة: ١٢٢]، وبعد هذه المقالات العديدة ذكر معنى الفقه لغةً واصطلاحًا، ثم استطرد إلى ذكر علوم متعددة، كالطب والكيمياء والفلسفة، واستغرق هذا أكثر من ثلاثين صفحة، حتى لينسى القارئ نفسه، من أنه يقرأ تفسيرًا للقرآن الكريم.
وتلك لطيفة أخرى في سورة العنكبوت، عند قوله تعالى:{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ}[العنكبوت: ٢٠] حيث قسم السير إلى قسمين جسمي وعقلي، ثم تكلم عن نظام الكواكب والعوالم الأربعة والعناصر ... الخ، مما يؤكد ما ذكرناه في الفقرة السابقة.
وفي ثنايا تفسيره ولطائفه، يرى القارئ أمورًا تتكرر كثيرًا، نذكر منها ما يلي:
[أ- إهابته بالأمة وبخاصة العلماء وتنويهه بتفسيره]
إن الشيخ يكتب وفكرة تضغط على أعصابه وتلح عليه، تلك هذي حالة المشرق المسكين، الذي يستعبده الغرب بالعلم والمخترعات، فتجده يتلقف أيَّ فكرة، ليعلن من خلالها أصالة الشرق في هذا المضمار واستفادة الغرب، فها هو في تفسير قصة يوسف، وذكر إعداد المتكأ للضيفات، وإعطائهن السكاكين، لفت النظر إلى المستوى الاجتماعي الراقي، الذي كان يعيشه المجتمع المصري القديم والذي استفاد منه الغرب في حياته اليوم، وخلال السورة تعيش مع رحلات الشيخ في عالم النبات والطيور والزراعة وعجائب العلم.
وعند قوله تعالى:{نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}[يوسف: ٧٦] يقول الشيخ: (اعلم أن هذه الآية، نزلت لتخرج المسلمين من جهالتهم العمياء، إذ هم اليوم أقل الأمم علمًا، وهذه السورة فيها سر العلوم، وهذه