ولا بد من إيراد بعض الملحوظات هنا على هذه الأقوال:
أ- في رأيي أنه لا داعي لهذا القيد الذي جاء في الفقرة الثانية، وهو قوله (من غير تأويل يعتقدون صحته)، إذ بهذا تعطل كثير من الحدود والأحكام الأخرى بحجة التأويل. فلقائل أن يقول: إن السارق من تعود السرقة، والزاني من تعود الزنا، والقاذف من تعود القذف، وإن أكل الربا محرم فقط إذا كان أضعافًا مضاعفة، ومثل هذا كثير. والحق أن كل تأويل يخالف اللغة والمأثور، ويعارض صاحبه الجمهور، لا ينبغي أن يكون له مكان بين الآراء، ولا لقائله مكانة بين العلماء.
ب- لا يمكن أن يتصور مسلم، فضلًا على عالم، أنه يمكن أن تتحقق عدالة أو مساواة في ترك الحكم بما أنزل الله، كما يفهم مع كل أسف من عبارته.
ج- كان أحرى بصاحب المنار أن يقول (حيثما وجد حكم الله وجد العدل).
د- نعجب من صاحب المنار، كيف قسم الأحكام الشرعية إلى ما يتعلق بالعبادات والنكاح، فلا يجوز التساهل به، وما يتعلق بالحدود والعقوبات والأحكام المدنية، وهذا لا مانع من التساهل فيه، وبخاصة أن ما ورد منه في القرآن قليل. ونحن نعتقد أن الإسلام كل لا يتجزأ أبدًا، وأن ما ورد في الكتاب والسنة من الأحكام ليس قليلًا إلى هذه الدرجة التي يوحي بها قول المؤلف. وعلى فرض قلته حتى لو كان حكمًا واحدًا، لا يجوز التساهل فيه فضلًا على تركه {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}[البقرة: ٨٥].
هـ - وعفا الله عن الشيخ رشيد ومن على شاكلته، فلقد كانوا يحسنون الظن بالإنجليز ويصفونهم بالعدل وبأن قانونهم قريب من الشريعة الإسلامية، مع