ثالثًا: كأن الكاتب لم يسمع نهي الرسول عليه وآله الصلاة والسلام، عن تلحين القرآن كما تفعل الأعاجم. إن موسيقا القرآن الربانية ستبقى وحدها، ذات الأثر العميق الخالد في النفوس والقلوب، ولن يصل هؤلاء أبدًا إلى الغاية التي يريدونها. وستبقى قدسية القرآن دون أن ينال منها أحد {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩].
رابعًا: هل نسي الكاتب أن الثورة التي قام بها لوثر، إنما كانت نتيجة تأثره بالإسلام إلى أبعد الحدود.
إن مثل هذه الدعوات، إنما تصدر عن تخطيط رهيب، ومكر سيّء، لهذا الدين، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، ويصدق عليها قول الله:{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ}[النساء: ١١٤]. وقوله:{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}[النور: ١٥].
[المبحث الثالث دعوة مشبوهة]
وهذه شقشقة من كاتب آخر، وهو إبراهيم عامر، لا تقل عن سابقتها، فإنه من أجل استكشاف الذات، ومن أجل تعصير الإسلام، ومن أجل أن يظهر الإسلام بصورة جديدة في أعين الناس يطور معناه، من أجل ذلك كله، يوجه الكاتب دعوة إلى علماء الأزهر، ليقوموا بإعداد تفسير عصري تاريخي اجتماعي. ولكن مع الأسف الشديد، فإن مثل هذه المحاولة، التي غفل عنها علماء الأزهار، قد سبقهم إليها الكاتب الفرنسي (مكسيم رودنسون) في كتابه (محمد) و (الإسلام والرأسمالية)(١).