للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلقد وجدنا على العكس من ذلك، من ينكر ثبوت شيء من التفسير بالمأثور. ويستند هؤلاء فيما يستندون، إلى كثرة الروايات الممزوجة بالإسرائيليات. كما يستندون إلى قول الإمام أحمد رضي الله عنه (ثلاثة ليس لها أصل: المغازي والملاحم والتفسير) ومن الذين ذهبوا هذا المذهب الأستاذ المرحوم أحمد أمين (١)، وهو يتكلم عن وضع الحديث، ويضرب مثلًا لذلك أحاديث التفسير، كأنه يريد نفي ثبوت شيء منها، وهذه عبارته (وحسبك دليلًا على مقدار الوضع، أن أحاديث التفسير التي ذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال: لم يصح عنده منها شيء. قد جمع فيها آلاف الأحاديث).

والحق الذي لا مرية فيه، أن ثبوت أحاديث تفسير لبعض آيات القرآن، أمر مجمع عليه من قبل الأمة وإلا فما معنى قول الله تبارك وتعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]. بل لقد اشترط الأئمة لمن أراد أن يتصدى لتفسير القرآن أن يكون ملمًا بما ثبت عن الرسول عليه وآله الصلاة والسلام. يقول صاحب البحر المحيط (٢) في مقدمته: (الوجه الرابع) أي مما يحتاج إليه المفسر: تعيين مبهم، وتبيين مجمل، وسبب نزول، ونسخ، ويؤخذ ذلك من النقل الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذلك من علم الحديث) انتهى.

[عبارة الإمام أحمد (ثلاثة ليس لها أصل)]

وأما عبارة الإمام أحمد فإن صح نقلها عنه، فلقد فسرها العلماء تفسيرًا شافيًا يزيل كل شبهة يمكن أن تعلق بالنفس. فقال قوم إن الإمام إنما قصد غالب ما ذكر في هذه الموضوعات، ولم يرد الحكم عليها جميعها. وممن ذهب إلى هذا الرأي الزركشي في البرهان، وابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير. وقالت جماعة: إن


(١) فجر الإسلام ٢١١، الطبعة الثانية عشرة/ مكتبة النهضة المصرية/ القاهرة ١٩٧٨.
(٢) البحر المحيط ص ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>