خامسًا: تأثير أسلوبه الأدبي عليه في بعض ألفاظه وعباراته:
ونزيد هنا في حديثنا عن خصائص الظلال العامة تفصيل ما أجملناه في الخصيصة الأولى عندما ذكرنا أن سيدًا رحمه الله لم يعن كثيرًا بالتحليل اللفظي، وذكرنا أن ذلك يمكن أن يكون لأنه أراد نقل القارئ إلى ظلال القرآن دون الوقوف عند المصطلحات اللفظية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى إن المفسر كانت له اليد الطولى في الكتابات الأدبية والتحليل الفني.
ونزيد هنا أن عدم اهتمامه كثيرًا بالتحليل اللفظي، وعنايته الكبيرة بالأسلوب الأدبي -ومن المعلوم أن الغالب على عبارات الأدباء أن تكون فضفاضة- قد عرَّضَتْه -رحمه الله- لبعض الانتقادات، ذلك أنه كان إذا تحدث عن الأمور المهمة التي تحتاج إلى دقة ولغة مضبوطة لا تحتمل التأويل -كما في قضايا العقيدة وما يتبعها- تحدث عن ذلك بأسلوبه الأدبي المعهود، فكانت عبارته الأدبية البليغة، وكان ذلك الأسلوب الساحر الأخاذ، مما جعل بعض لفظه محتملًا لأكثر من معنى وتفسير.
فقد جاء بعد الظلال من طار فرحًا بمثل هذه العبارات وأخذها دليلًا للحكم من خلالها على عقيدة سيد أو فكره، ولم يكن ذلك من منطلق علمي موضوعي، وإنما من مواقف كيدية ومرتكزات سلبية في الذهن عند هؤلاء، جَعَلَتْهُم يبحثون ويتصيدون العبارات والأفكار ليصلوا من خلالها إلى اتهام سيد والحكم عليه وعلى عقيدته، على أن الرجل كان بريئًا مما ألصقوه به.
ونحن مع رفضنا التام لهذا الأسلوب، وهذا المنهج الذي ينطلق منه هؤلاء، إلا أننا لا نقر سيدًا ولا غيره أن يكون التعبير والحديث عن قضايا العقيدة وغيرها بلغة محتمِلة، ومن هنا كنا نتمنى أن يكون سيد قد قطع الطريق على كل من يقرأ عباراته أو كتاباته أن يتطرق إلى فكره أي تأويل غير مقبول لكلامه.