وفي كل هذه التعقيبات والتنويهات، يدلل السيد دروزة على أن التشريع القرآني، تشريع عملي عادل متمشٍ مع فطرة الإنسان وطبائع الأمور والأشياء.
[رأينا في هذا المنهج]
بعد هذا العرض الذي أَتْهَمَ فيه المؤلف وأَنْجَدَ، وأوجز وأسهب، أجد لزامًا علي أن أقرر ما يلي:
كنا نود أن يكون الأستاذ دروزة رحمه الله أكثر دقة في عرضه لتفسير آيات الأحكام، سواء أكان ذلك من حيث الأسلوب والدقة في التعبير، أم من حيث عرض الأفكار وتسلسلها في فصول كما يقول، أم من حيث تقرير الحقائق العلمية، كما بينها الأئمة. هذا كله فضلًا على ما فيه من اضطراب وتناقض، وعدم دراية تامة في هذه المسائل. ولقد مر معنا طرف من هذا كادعائه الإجماع تارة، ونقضه أخرى، وكتعبيره عن الحديث الصحيح بعبارة توهم التمريض والتضعيف، مثل قوله:"رُوِي حديثٌ نبوي"، وكتقريره لمسائل يزعم أنه لم يرَ فيه رأيًا لأحد -وقد تكون من البدهيات- كما رأينا في حديث أنس السابق. ومثل هذه نسبته أحاديث لمتأخرين، مع أنها وردت في كتب المتقدمين، كحديث السرقة الذي نسبه للبغوي، مع أنه في كتب السنن وغيرها. وأخطر من هذا كله عدم تمييزه بين الأحاديث، وعدم دقته في مسائل الإرث.
[٦ - الأستاذ دروزة وآيات الجهاد]
كنت أود أن أجعل هذا الفصل مندرجًا في آيات الأحكام، إلا أن أهميته وخطورة البحث فيه، والتركيز الشديد الذي يلفت النظر من المفسر، كل ذلك جعلني أفرد هذا الموضوع عن موضوع آيات الأحكام الأخر. فالمفسر الفاضل لا يدع مناسبة من المناسبات، إلا ويطنب فيها، مبينًا رأيه في الجهاد، مخطئًا أعلام المفسرين، وقد لا تكون المناسبة صالحة للحديث عن الجهاد، قد تكون الآية مكية