يقول عند تفسير قوله تعالى:{وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ}[البقرة: ١٧٧]، من سورة البقرة:(وأبعد الناس عندنا من الصبر، وأدناهم من الجزع والهلع والفزع، المشتغلون بالعلوم الدينية، فإن الشجاعة والفروسية والرماية عندهم، من المعايب التي تزري بالعلم وتحط من قدره)(١)، وهكذا يستمر الشيخ في هجومه العنيف غير مبال ولا آبه بما ينبغي أن يكون بين العلماء من صلة وقربى، والعلم أعظم رحم.
[٩ - كثرة التفريعات والاستطرادات]
كل الذي فسره السيد محمد رشيد رضا اثنا عشر جزءًا وبعض الجزء، ولكن صفحات هذا التفسير تربو على ستة آلاف صفحة، ولم نعلم تفسيرًا مما هو بين أيدينا بلغ قريبًا من هذا، والحق أن استطراداته كانت كثيرة ومتعددة، ولذا رأيناه ينصح القارئ في مقدمة تفسيره بمطالعة هذه الفصول الاستطرادية في غير وقت قراءة التفسير، ولكن هذا قد يكون صعبًا على القارئ من الناحيتين، الموضوعية والنفسية، إذ لا نتصور قارئًا ما يسهل عليه أن يقرأ تفسير بعض آية، ثم يترك الاستطرادات التي قد يكون لها تعلق بتفسير الآية ولو من بعيد.
وإذا أردنا أن نلقي ضوءًا على استطرادات الشيخ، وما أكثرها، فما لنا إلا أن نطلع على تفسيره لمطلع سورة يونس، حيث كتب فصولًا عند تفسير قوله تعالى:{أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ}[يونس: ٢]، تزيد على مائة وخمسين صفحة، وهي التي جردت فيما بعد فكانت كتاب (الوحي المحمدي).
وكذلك عند قوله تعالى:{لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة: ١٥١]، من سورة المائدة، حيث كتب ما يزيد على سبعين صفحة.
وعند قوله تعالى:{قَال النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}[الأنعام: ١٢٨]، من سورة الأنعام، وكذلك في خلاصات بعض السور.