صدعت بها، فإن كثيرين منهم قد تأثروا بعوامل ودوافع لا تقرها تلك المدرسة، وإنما هذه الدوافع كانت أثرًا مباشرًا لذلك اللبن الآسن، الذي أرضعه هؤلاء في حضانة الجامعات الأوروبية، أو نتيجة لشهوة الشهرة التي سيطرت عليهم.
فمن الطراز الأول تلك الرسالة التي تقدم بها منصور فهمي، لنيل شهادة الدكتوراه من جامعات فرنسا، وكان موضوعها (المرأة المسلمة). وفي هذه الرسالة يظهر التعصب والحقد من جهة، والجهل والغباء من جهة أخرى.
إذ كشف الكاتب عن حقيقته، فاتهم الرسول عليه وآله الصلاة والسلام تهمًا يردها كثير من علماء الغرب المنصفين.
ومن الطراز الثاني ما رأيناه من علي عبد الرازق، حينما أصدر كتابه (الإسلام وأصول الحكم) سنة ١٩٢٥ م، متأثرًا بما أصدرته الحكومة التركية في ذلك الوقت، مسوّغة إنهاء الخلافة في سنة ١٩٢٤ م، ولقد كان لكتاب علي عبد الرازق ضجة في الأوساط الإسلامية، كما كان له أثر سيّء فيما بعد.
والغريب أن هؤلاء الذين ينحرفون في منهجهم سرعان ما تتاح لهم الفرص فيما بعد، ليشغلوا المراكز الخطيرة الحساسة، وليتملكوا بعض زمام هذه الأمة.
[قيود مزعومة]
على أن هؤلاء لم يفتُروا عن التشكيك، والمحاولات الجادة لتحريف هذا الكتاب، والنيل من قدسيته، بدافع من الدوافع الخبيثة ولكنهم يصورونها غيرة على القرآن. فهذا رجاء النقاش يكتب بكل قحة، تحت عنوان مثير للدهشة (حرروا القرآن من هذه القيود)! ونبحث عن تلك القيود فماذا نجد؟ حقًّا لا نجد إلا ما يبعث على الاستغراب، هذه القيود في نظره نوعان: قيود شكلية وقيود أساسية أما القيود الشكلية فهي كتابة المصحف بالرسم العثماني، وعدم وجود تفسير عصري، وأما الأساسية التي هي أعمق وأبعد أثرًا من سابقتها، فهي الاستفادة من المسرح