للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإسرائيليات والتعصب للمذاهب الفقهية والكلامية، وتنقيته من كثير من المصطلحات العلمية، التي يدق فهمها على كثير من الناس، وإلباسه ثوبًا جديدًا يتناسب مع أسلوبه وموضوعيته مع مدركات الناس في هذا العصر. ولكن مع تلك الحسنات كلها، فلقد كان لهذه المدرسة هفوات وكبوات، خرجت بالنص القرآني عن معناه الظاهر، إلى تأويلات بعيدة وتفسيرات غريبة، وذلك كتأويل بعض الآيات التي تحدثت عن الملائكة بالقوى الطبيعية، حتى مجرد التسمية بهذا الاسم، يعد غريبًا عن معنى الآية ومضمونها. وكتأويل سجود الملائكة لآدم بتسخير القوى، وكتأويل مولد عيسى عليه السلام، بأنه تأثير حصل لمريم نتيجة اعتقاد خاص، ومن هذا القبيل تأويل الرجوم بالحجج عند المراغي الأكبر (١)، وتأويل الخطفة والشهاب الثاقب والشهاب الرصد عند المراغي الأصغر (٢)، وتأويل الدابة عند الشيخ عبد الجليل عيسى، مما سأعرض له مفصلًا إن شاء الله في الجزء الثالث. ولا ننسى تأويل قصة البقرة، الذي ذهب إليه الأستاذ الإمام وصاحب المنار. ولقد استند صاحب الفن القصصي فيما ذهب إليه إلى بعض عباراتهما.

هذا كله يجعلني أخلص إلى النتيجة التالية وهي أن لهذه المدرسة أثرًا في ما رأيناه من انحراف في التفسير فيما بعد. وهذا الانحراف، وإن لم يكن هدفًا عند هذه المدرسة، وإن كان كثير من رجالها قد حاربوه حربًا لا هوادة فيها، إلا أن هؤلاء المنحرفين كانوا أقل ما في الأمر، يتسترون ببعض آراء تلك المدرسة، والحق أن مدرسة الأستاذ الإمام مع ما لها من فضل، إلا أنها قد شجعت كثيرين ممن نشك في دوافعهم وأهدافهم على أن يذهبوا هذه المذاهب الشاذة في تفسير القرآن.

وليس معنى هذا أن انحراف هؤلاء، كان نتيجة لبعض آراء تلك المدرسة التي


(١) الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر.
(٢) الشيخ أحمد مصطفى المراغي صاحب التفسير المعروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>