(وجدنا أهل الفتيا، ومن حفظنا عنهم من أهل العلم من بالمغازي من قريش وغيرهم، لا يختلفون في أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عام الفتح (لا وصية لوارث ولا يقتل مؤمن بكافر) ويأثرون عمن حفظوا عنه، ممن لقوا من أهل العلم بالمغازي فكان هذا نقل عامة عن عامة، وكان أقوى في بعض الأمر من نقل واحد عن واحد، كذلك وجدنا أهل العلم عليه مجمعين (١)، ولعلم الله أن أنوار النبوة تنادي على صحة هذا الحديث.
[٢ - مخالفة الجمهور في معنى الإحصان]
نجده يخالف الجمهور في تحديد من ينطبق عليها معنى الإحصان، فهو يقول عند تفسير قول الله تعالى:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء: ٢٥]: (ثم قيدوا المحصنات هنا بقيد آخر هو كونهن أبكارًا، لأنهم يعدون من تزوجت محصنة، وإن آمت بطلاق أو موت زوجها، والوصف لا يفيد ذلك، فإن المحصنة بالزواج هي التي لها زوج يحصنها، فإذا فارقها لا تسمى محصنة بالزواج كما أنها لا تسمى متزوجة، كذلك المسافر إذا عاد من سفره لا يسمى مسافرًا والمريض إذا برئ لا يسمى مريضًا، وقد قال بعض الذين خصوا المحصنات بالأبكار، إنهن قد أحصنتهن البكارة، ولعمري إن البكارة حصن منيع، لا تتصدى صاحبته لهدمه بغير حقه، وهي على سلامة فطرتها وحيائها، وعدم ممارستها للرجال. وما حقه إلا أن يستبدل به حصن الزوجية، ولكن ما بال الثيب التي فقدت كل واحد من الحصنين، تعاقب أشد العقوبتين، إذ حكموا عليها بالرجم؟ هل يعدون الزواج السابق محصنًا لها، وما هو إلا إزالة لحصن البكارة، وتعويد لممارسة الرجال، فالمعقول الموافق لنظام الفطرة، هو أن يكون عقاب الثيب التي تأتي الفاحشة دون عقاب المتزوجة وكذا دون عقاب البكر أو مثله في الأشد. وقد بلغني أن بعض الأعراب في اليمن، يعاقبون بالقتل كلًّا من