يناسبه -يحيون أهل الجنة ويبكتون أهل النار). وهنا نراه قد التزم بالمنهج الذي خطه لنفسه.
ولكننا نراه يخالف هذا المنهج، حينما يحدد من هم أصحاب الأعراف، فإنه لم يقف عند الإيمان بظاهر النص، وهو أن هناك رجالًا يسمون أصحاب الأعراف، بل حددهم بأنهم عدول الأمم، والشهداء على الناس وفي مقدمتهم الأنبياء والرسل، واستشهد بآيات لا تدل على ما ذهب إليه.
وكما يفهم من كلام الأستاذ عدم احتجاجه بأحاديث الآحاد، في قضايا العقيدة نراه يؤول بعض هذه الأحاديث، كما فعل عند تفسير قول الله تعالى:{وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[الأعراف: ٤٣]، حيث أتى بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- (لن يدخل أحدكم الجنة بعمله .. ) قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال:(ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته) فهو يقول (أما الحديث فمعناه- أن هذا الجزاء الذي يحصل عليه الطائع، ليس بدلًا مماثلًا لطاعته، وليس جزاءً مساويًا كالشأن بين البدلين، وإن كانت الطاعة هي التي أوجبته وتسببت فيه، والمعنى: لن يدخل أحدكم الجنة بعمل يساويها وما فيها من نعيم، ففضل الله عظيم سابغ، باعتبار جعله الجنة بدلًا من عمل محدود قليل، لا يطاولها ولا يقابلها في ذاته)(١) ونحن نعلم أن الجدل حول هذا الموضوع، احتدم بين المعتزلة وغيرهم، فحينما يرى المعتزلة أن العمل أساس في دخول الجنة، وأن دخولها بسببه حقيقة، يرى غيرهم خلاف ذلك، وهكذا نلمح آثارًا لمدرسة الاعتزال في تفسير الشيخ، وإن لم تبلغ ما بلغته عند آخرين من رجال هذه المدرسة.
[٣ - رأيه في تفسير بعض آيات الأحكام]
من المعلوم بداهة، أن الأستاذ الأكبر كغيره من رجال مدرسة الإمام، ينادون