بفتح باب الاجتهاد على مصراعيه، فمن الظلم أن تكبل العقول ويحجر عليها، ومن المؤسف أن يوصف الإسلام بالجمود ... هكذا يقررون، لذا فإن من الأهمية بمكان، معرفة آراء الشيخ شلتوت في بعض الأحكام، التي عرضت لها الآيات القرآنية، وسأعرض هنا لبعض آرائه من خلال تفسيره:
أ- فعند قوله تعالى:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[المائدة: ٥] يعرض الشيخ لمسألتين: الأولى: حكم الأطعمة المستوردة من بلاد الكتابيين- ويذكر فيها رأيين للعلماء، رأي الجمهور: وملخَّصُه، أنها حلال ما لم نتأكد أنه ذكر عليها اسم غير الله، والرأي الآخر وهو أنها حلال ما لم يكن من المحرم لذاته، وهو الميتة والدم ولحم الخنزير، ويأتي الشيخ شلتوت بالفُتيين اللتين أصدرتهما لجنة الفتوى بالأزهر، وكانت الأولى في عهد الشيخ المراغي، وهي موافقة لفتوى الشيخ محمد عبده، أما الثانية أعني رأي الجمهور، فقد صدرت بعد ذلك في عهد الشيخ عبد المجيد سليم رحمهما الله ويرجح الشيخ رأي الجمهور فيقول: (وقد يكون من ذلك الاجتهاد، المقارنة بين هاتين الفُتيين، وإن الناظر في المعنى الذي لأجله حرم ما حرم على المؤمنين، وهو الابتعاد عما اتصل به ما ينافي التوحيد كذكر اسم غير الله، أو الذبح على النصب، وعما كانه تحريمه لمعنى في نفسه كالميتة وما عطف عليها لا يرى بدا من الحكم، بأن ذلك التحريم لا يرفعه إن كان الحيوان ملكًا لغير المسلم، أو طعامًا له، فإنه لم يعهد أن يحرم بشيء لمعنى على طائفة، ثم يباح لها إذا كان لغيره مع وجود معنى التحريم فيه. وإذا نظرنا إلى أن التكاليف الإسلامية وما تضمنته من تحليل وتحريم -وهي في واقعها، وفيما أراد الله من جعل الرسالة المحمدية وشرائعها- عامة لجميع الناس، وأن الناس جميعًا مكلفون بها، يظهر لهذا الرأي قوة فوق قوته. نعم جعل الشارع سبحانه عدم