[المبحث الرابع موقف مدرسة الإمام الشيخ محمد عبده من التفسير العلمي]
وقبل أن أبدي رأيي في هذا الموضوع، لا بد أن أعرض لموقف مدرسة الأستاذ الإمام من التفسير العلمي، لكونه رحمه الله إمام النهضة التفسيرية في هذا العصر.
قرأت لكثير من الأساتذة الفضلاء ما يفيد أن مدرسة الأستاذ وقفت موقفًا سلبيًا، بل موقف المعارض من التفسير العلمي. واستدلوا بأن الشيخ رشيدًا في مقدمة تفسير (المنار) لم يرض عن هذا الاتجاه ولكننا إذا دققنا في الأمر وأنعمنا النظر فيه، وجدنا هذا القول تعوزه الدقة فلقد كان لهذه المدرسة السبق في هذا اللنهج، أعني التفسير العلمي.
يقول الأستاذ محمد أحمد الغمراوي (واللطيف البديع أن كبير المفسرين المحدثين، الإمام الشيخ محمد عبده رحمه الله، فسر بناء السماء طبق قانون الجاذبية، فكان فتحًا في التفسير، وفتوى عملية تبيح تفسير الآيات الكونية في القرآن، طبق ما ثبت أو يثبت على أيدي علماء الفطرة من الحقائق الخاصة والعامة (١) نعم إن الأستاذ الإمام ومن نهج نهجه، لم يفرغوا كل جهدهم للبحث في التفسير العلمي، ولكن مع ذلك كانت لهم لفتات وإرشادات ومباحث في هذا اللون من التفسير، وسأعرض لبعض ما قالوه:
أ- يقول الأستاذ في تفسير جزء عم عند قول الله تعالى:{وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} السماء اسم لما علا وارتفع فوق رأسك. وأنت إنما تتصور عند سماعك لفظ (السماء)، هذا الكون الذي فوقك فيه الشمس والقمر وسائر الكواكب تجري في مجاريها، وتتحرك في مدارتها. هذا هو السماء وقد بناه الله أي رفعه وجعل كل كوكب من الكواكب منه بمنزلة لبنة من بناء سقف أو قبة جدران تحيط