وعدم التعرض للمسائل اللغوية إلا قليلًا. وكان للشيخ تفسير لبعض الآيات والسور، يظهر منه اختلافه عن تفسير الجزء السابق. فسورة العصر التي فسرها الشيخ في الجزائر، يبدو تفسيرها أوسع منه في جزء عم، وهناك موضوعات قرآنية تطرق لها الشيخ على حدة، كمسألة الغرانيق وقصة زواج زيد بزينب وغيرهما. وهذه وإن كانت تعطينا فكرة كاملة عن منهج الشيخ وآرائه، فإن الذي يعطينا فكرة أتم وأشمل تفسيره للأجزاء الخمسة الأولى الذي دوِّن في تفسير المنار.
في سنة ١٨٩٢ م جيء بأحد العلماء لإلقاء دروس في التفسير في قصر القبة، وبعد إلقائه لتلك الدروس وإخفاقه فيها قال في حقه الأستاذ أحمد شفيق باشا:(إنه كان كثير الإسهاب في إيراد أقوال المفسرين، وإيراد بعض الآراء والروايات الغريبة وفي ذات يوم تحدث عن (إرم ذات العماد) فذكر أنها مدينة شيدت طوبة من ذهب وأخرى من فضة، وأنها معلقة بين السماء والأرض، ثم توسع في ذلك وعرض إلى علم الفلك بأسلوب يثير الإشفاق والضحك ... ) وفي تلك الحقبة الزمنية كان الأستاذ صاحب طريقة جديدة في التفسير، واتجاه تجريدي في فهم كتاب الله عز وجل، ولا شك أن اتجاهه في التفسير كان خطوة فذة جبارة، ذات أثر قوي لا في تأويل نصوص القرآن فحسب، بل في حركة المسلمين للتخلص مما هم فيه من واقع سيء.
سابعًا: منهجه في التفسير:
منح الله الإمام فكرًا ثاقبًا، ومنَّ عليه بعقيدة راسخة، وهيأ له اكتساب ثقافة متشعبة الأطراف متعددة الألوان. وهذه كلها عملت على تكوين منهجه في فهم كتاب الله. لقد كان الأستاذ يرى أن كتب التفسير على كثرتها، وعلى رغم إجلاله لأصحابها على ما حوته من فوائد، لا تفي بالمقصود. وذلك لأن كل مفسر كان يسيطر على كتابه تخصصه وميله، ومع أن هذا هو رأي الشيخ فإنه لم يكن ليهجر تلك الكتب، وينفر من أصحابها، بل كان كثير الاطلاع عليها، حتى إنه ليذكُرُ عند