حملة علم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم الذين لا يقادر قدرهم أمانة وذكاء وحرصا على سلامة الدين كتابًا وسنة.
[ملحوظات على هذا التقسيم]
هذا هو الذي اشتهر عند القوم، فلا نكاد نجد كاتبًا من الذين عرضوا للتفسير وتاريخه وبخاصة في العصر الحديث، إلا وقسم التفسير إلى تفسير بالمأثور وتفسير بالرأي، حتى لقد أضحت هذه القضية من المسلمات، ولعل مما ساعدهم على ذلك تفسير الإمام السيوطي (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) حيث اشتمل كتابه على الروايات دون عرض اختلافات المفسرين، ولنا على هذا التقسيم ملاحظ عدة:
أولًا: إن هذا المصطلح لم يكن معلومًا معروفًا في القرون الأولى وما بعدها حتى عند الذين كتبوا في علوم القرآن من المتقدمين، وعلى هذا هو مصطلح يخضع للبحث والتدقيق والنقد.
ثانيًا: لم يتفقوا على ماهية هذا التفسير فبعضهم وسمع دائرته ليشمل تفسير النبي عليه وآله الصلاة والسلام، وتفسير الصحابة رضي الله عنهم، وتفسير التابعين -رحمهم الله- وآخرون لم يدخلوا فيه تفسير التابعين، كما بينته لك من قبل، وهذا ما أشارت إليه عبارة أبي حيان -رحمه الله- في البحر المحيط، وفئة ثالثة -وأنا منهم- جعلته خاصًّا بما صح عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
ثالثًا: إنهم جعلوا التفسير بالمأثور مقابلًا للتفسير بالرأي، مع أن ما روي عن الصحابة -رضي الله عنهم- كان كثير منه ناشئًا عن الرأي والاجتهاد، وكذلك بعض ما روي عن التابعين، فهذا ابن عباس -رضي الله عنهما- يختلف مع الصحابة في بعض أحكام آيات الميراث، ويختلف مع السيدة عائشة رضي الله عنها. في رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه، وفي تفسير قوله سبحانه: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ