للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ملحوظات حول التفسير]

أولًا: لا يشك القارئ وهو يتصفح التفسير البياني، بأن مؤلفته تكتب وفي نفسها شيء من ملاحقة المفسرين، فهي في كل موضوع تقريبًا، تأتي على أقوالهم لتردها، أو تبين ما فيها من قصور وعدم وفاء بالمعنى. وقد تأتي بأقوال ضعيفة لم يعتمدها المفسرون أنفسهم، وربما تأتي باللفتة البيانية مبينة جدتها، زاعمة أن المفسرين لم ينتبهوا إليها. ومثال ذلك تفسيرها لآية {وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} حيث لم ينتبه المفسرون لظاهرة القسم بالواو كما تقول، ولسر التطابق بين المقسم به والمقسم عليه، وتفسير قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} حيث ذكرت بعض الأقوال عن هذا المعطى، من أنه ألف قصر بفرش معينة وألوان معينة. وهذه أقوال لم يعتمدها المفسرون بالطبع، وقد نبه عليها كثيرون قبلها، وعند قول الله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} في سر التعبير بالجار والمجرور (لك) ترى أن المفسرين القدامى لم ينتبهوا إلى هذا السر البلاغي، وبعد أن ترد ما قالوه، ترى أنه جاء للتقرير والتأكيد وتقوية الإيصال (١). مع أن هذا القول قرره العلامة أبو السعود وأخذه عنه كثيرون منهم الشيخ محمد عبده.

وفي تفسير قوله تعالى {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} تدعي أن أحدًا من المفسرين لم ينتبه لسر التعبير بكلمة (زرتم).

وأنقل هنا ما ذكره أبو السعود (٢) في الآية الأولى (وزيادة الجار والمجرور، مع توسيطه بين الفعل ومفعوله، للإيذان من أول الأمر، بان الشرح من منافعه عليه الصلاة والسلام ومصالحه، مسارعة إلى إدخال المسرة في قلبه الشريف - صلى الله عليه وسلم -، وتشويقًا له عليه الصلاة والسلام إلى ما يعقبه، ليتمكن


(١) التفسير البياني ص ٦٥.
(٢) إرشاد العقل السليم جـ ٥، ص ٢٧٠ طبعة محمد عبد اللطيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>