نلاحظ أن المفسر يتجنب ذكر الاصطلاحات، بل لا يتعرض لبعض الصور البيانية التي لا بد منها في فهم القرآن، مما يجعل تفسيره لبعض الآيات غير واضح وضوحًا تامًّا.
فهذه سورة (الكافرون)، التي تحدث العلماء في تفسيرها عن ذكر بعض آياتها أكثر من مرة، مما يجعل القارئ لهذه السورة، يسأل عن سبب ذلك، إلا أن المؤلف لم يتعرض لشيء من هذا أبدًا. فهو يقول في تقديمه لهذه السورة:"في السورة أمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، بإعلام الكفار أنه لا يعبد ما يعبدون، ولهم إذا شاؤوا أن يظلوا على ما هم عليه، فلا يعبدون ما يعبد، ولكل من الفريقين دينه، وقد تضنمت مبدأ حرية التدين الذي ظلت الآيات القرآنية، تقرره في المكي والمدني منها"(١). وهو في تفسيره السورة لا يزيد عما ذكره في هذه المقدمة.
أما من هم هؤلاء الكافرون الذين خوطبوا: هل هم جميع الكافرين أم أناس مخصوصون؟ وأما ذكر الجمل القرآنية أكثر من مرة، فإن المفسر لم يتعرض لشيء من ذلك أبدًا مع أنه يذكر صفحات عديدة عن مبدأ حرية التدين، ناسيًا أن الزمن الذي نزلت فيه السورة وظرفها، والروايات التي وردت في نزولها، لا تتفق مع شيء مما ذكره. فالمفهوم أنها تدل على المفاصلة، واستحالة الاجتماع بين الإسلام وبين الشرك. ولكن مفسرنا أراد أن يثبت في هذه السورة نظريته في الجهاد، وهو أنه دفاعي، مع أن السورة مكية قطعًا، بل كانت مما نزل مبكرًا كذلك، فكان هذا استطرادًا منه في غير محله، وما ذكره غير مسلم به، وليس هنا محل لبيانه، وهو الذي يعيب على المفسرين استطرادهم، ويعد هذا من الثغرات.