ولنأت بعد هذا إلى السؤال الأخير حول ما رمي به الشيخ من إباحة للربا ولحم الخنزير، فقد كانت هذه المسألة مثار نقاش ومشادة عنيفة وجدل قوي، وكان الذي أثارها الشيخ مصطفى الحمامي على صفحات مجلة (الفتح)، التي كان يصدرها الأستاذ محب الدين الخطيب رحمه الله، فلقد نقل الشيخ مصطفى من تفسير الجواهر، ما يستدل به على أن الشيخ طنطاوي، قد أباح الربا ولحم الخنزير، ولنبدأ بالكلام عن مسألة الربا.
يقول الشيخ طنطاوي في تفسير سورة الكهف:(وهنا ننظر ونقول: الربا حرام ولكن هذا الحرام جعل سببًا في تخريب بلاد الإسلام، ولو أن الربا أخذ لدولتنا، وسدت به ديون دولتنا للإفرنجة، الذين يحيطون بنا، لكان ذلك واجبًا لا جائزًا فقط، ولو أن الربا أخذ منهم وأعطي للفقراء والمساكين، والذين لا يجدون صناعة يعيشون بها، فيشترى بها آلات للزراعة مثلًا، لكان ذلك من باب الاضطرار في المسألتين، فهذا اضطرار يبيح المحظور مؤقتًا.
ويرد الشيخ مصطفى على هذا بقوله: (فهذا رجل مسلم مفسر، يرضى لنفسه أن يقرر أنَّ اجتناب هذا الربا الحرام، كان سببًا لخراب بلاد المسلمين، ويصرخ بأعلى صوته، بوجوب أخذه لا جوازه فقط لسد ديوننا، وهذا الكلام ككلام ذلك الأجنبي تمامًا، الذي فهم أن الإسلام حلل الربا، لأن الضرورات تبيح المحظورات).
ويبين الشيخ طنطاوي وجهة نظره في خطاب أرسله إلى الأستاذ محب الدين الخطيب، لينشره في مجلة (الفتح) يقول فيه - (لقد اطلعت على ما ذكره صديقنا الشيخ الحمامي، اعتراضًا علي في مجلتكم الغراء، وأقول- معلوم أن حكومتنا إسلامية، وأن الزكاة واجبة، وأن الناس يودعون أموالهم في مصارف أجنبية والأجانب يتولون ربحها في التجارة والمكاسب ... لذلك تألمت من ذلك كل