عنه، أما الآية الثانية فنرى أنها على ظاهرها، وقد أبقاها كذلك، وجاء في تفسير الآية الثالثة بما قاله المفسرون، إلا أنه في لطائفه، ذكر وجها آخر تحتمله الآية كما يقول، وفي الآية الأخيرة أتى باقوال لا تخالف المأثور، اللهم إلا إذا اعتمدنا تفسير ابن مسعود للآية (١).
وإذن فليس تفسير الشيخ طنطاوي في معظمه، كما ادعي عليه ووصم به، من أنه خروج بالقرآن عن الظاهر والمأثور، ولكنه كان مولعًا بمشاهد الكون البديع صنع الله فيه، مشغوفًا بالبحث عن الأسرار في هذا الكون والحياة والإنسان، وهذا الذي ملك عليه لبه كما يرى القارى، لتفسيره في مواضع كثيرة، فهو يقول مثلًا:
(انظروا ما جاء في القرآن من الأدلة وأنواع التشبيهات، تروها تميل نحو المشاهدات وعلوم الطبيعة:
١ - فإن أمر بالعبادة، قال:{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}[البقرة: ٢٢].
٢ - وإن استدل على التوحيد قال:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[البقرة: ١٦٤].
٣ - وإن طلب منا الشكر قال:{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً}[النحل: ١٤].
٤ - وإن ذكر الإخلاص جعله كالجنات سقاها الغيث .. الخ الأمثال والدلالات فاعجب بعد ذلك أن ترى هذه الأمة نام علماؤها وقتلها وعاظها، أمة الإسلام هي الأمة التي أمرت أن تكون المزارع درسها، والحدائق علمها والشمس والقمر والنجوم والجال والأنهار آياتها، وما أصدق الشعراني إمام التصوف حيث قال: إن الإسلام في أول الزمان يكون شريعة، ثم في آخر الزمان يكون حقيقة -والحقيقة هي الأنفس والآفاق والنظر في هذه العجائب من شمس وقمر ونبات).