للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا أننا نقلل من شأنهم رضي الله عنهم، فهم حملة علم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهم الذين لا يقادر قدرهم أمانة وذكاء وحرصًا على سلامة الدين كتابًا وسنة (١).

ولا ننسى كلمة أبي حنيفة رضي الله عنه (ما جاءنا عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعلى الرأس والعين، وما جاءنا عن الصحابة تخيرنا فيه، وما جاءنا عن التابعين فهم رجال ونحن رجال) (٢). وسأفصل إن شاء الله هذه القضية.

ولا بد أن نعرض هنا لمسألتين: الأولى: ما امتاز به التفسير في عهد التابعين وأوجه الخلاف في التفسير بين عهدهم وعهد الصحابة. والمسألة الثانية: أشهر المفسرين في هذا العصر.

[١ - ميزات التفسير في عهد التابعين]

لقد عرفنا أن التفسير في عهد الصحابة رضي الله عنهم، كان يعتمد الكتاب والسنة واجتهاد الصحابة في بعض الأحيان. وكان يساعدهم على ذلك معرفتهم اللغوية، وعلمهم بأسباب النزول، ومعرفتهم عادات العرب، وأهم من ذلك ما فتح الله لهم من أبواب الفهم. والتفسير في عهد التابعين أخذ بهذه الأسباب، إلا أن دائرته كانت أوسع من دائرته عند الصحابة. ولقد قل الاختلاف في التفسير في عهد الصحابة رضوان الله عليهم ولكنه زاد في عهد التابعين إلى درجة أوسع كما سنفصله فيما بعد.

ولئن كان التفسير في عصر الصحابة لم يعتمد أهل الكتاب مصدرًا من مصادره فإن أخبارهم في عهد التابعين كانت مصدرًا من مصادره. وهذا بحكم امتداد البيئة الإسلامية ومن دخل الإسلام من أهل الكتاب.

ولا ننسى أن أهم ما يميز التفسير في عهد التابعين ظهور الخلافات المذهبية،


(١) يراجج كتابنا "إتقان البرهان في علوم القرآن".
(٢) مقدمة تحفة الفقهاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>