الجياشة، والقلب المبارك الفياض، والروح المشبوبة النضرة، واللسان الذرب البليغ، والزهد والقناعة - دون عنت - في الحياة الفردية، والحرص وبعد الهمة - دونما كلل - في سبيل نشر الدعوة والمبدأ، والنفس الولوعة الطَّموح، والهمة الساطعة الوثَّابة، والنظر النافذ البعيد، والإباء والغيرة على الدعوة، والتواضحُ في كلِّ ما يخصُّ النفس، تواضعًا يكاد يجمع على الشهادة عارفوه، حتى لكأنَّه - كما حدثنا كثير منهم - مثل رفيق الضياء: لا ثقل ولا ظل ولا غشاوةً [من مقدمة الندوي لكتاب البنا (مذكرات الدعوة والداعية).
٢ - ويقول الأستاذ خالد محمد خالد:"كان إعجابي بالأستاذ البنا يتنافس دومًا، فكلُّ ما فيه يدعو للإعجاب به وبالمودة له، علمه، وخُلُقه، وسمْتُهُ، وزهده، وتبتُّله، وجهاده، ومثابرتُه، وتفانيه، وسحرُ حديثه، ورُواء بيانه، وشخصيتهُ كلُّها الآسرة ... المضيئة، وهذا الرجل المتصوِّف الأواب، كان أستاذًا في فن "الزعامة"، والزعماء السياسيون تتقاصر هاماتُهم عن هامته في الزعامة التي كان يتناولها بيد أستاذ حاذق وقدير ... كلُّ ذكاء الزعامة ويقظتها وشمولها، كان للأستاذ البنا منه أوفى نصيب ... ولقد كان في الصدارة في الذين يألفون ويؤلفون ... وكانت شمائلُه تفتحُ له القلوب الغلف، والآذان الصُم ... ولا يقترب منه أحد إلا أحبَّه، ولا يُحبُّه إلا هابه [عن كتاب (قصتي مع الحياة) - خالد محمد خالد ٧١ - ٧٣].
[* طريقته في التفسير]
إن المتأمِّل فيما نقل عن الشيخ البنا رحمه الله في تفسير القرآن الكريم، يُدرك أنه كان له في التفسير طريقتان مختلفتان، الطريقة الأولى: هي طريقة التفسير الوعظي التربوي المجمل. والطريقة الثانية: هي طريقة التفسير العلمي المُسهب. والطريقة الأولى هي الغالبة على ما نقل من تفسيره، وأما الطريقة الثانية فيمثِّلها تفسيره للآيات السبع الأولى من سورة الرَّعد، التي فسَّرها على صفحات مجلة المنار،