للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقبض قبضةً من شيء لا تعلم عدده، واسأله عنها ليظهر لك كذِبُه، فذهب إليه وفعل ما أمره به عمر. وسأله فلم يعرف عدده ولا نوعه، فرجع إلى عمر وأخبره الخبر. فقال له: إذا كنت تعرف شيئًا هو راسخ في قلبك، فيمكن أن يعرفه أمثال هؤلاء. إذ يوشك أن ينقله وسواسك إلى وسواسه في قلبه فيحزرُه ... " سبحان الله! هذا هو التفسر الجامع المانع! !

[٦ - اعتقاده بصحة قصة الغرانيق]

وفي السورة نفسها يعقد مطلبًا بعنوان "مطلب في السجود وقصة الغرانيق" وبعد كلام طويل يقول: "والسبب في سجود المشركين، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قرأ يرتل القرآن ويفصل الآي: أي يسكت سكتة خفيفة بين الآيتين. ولما قرأ {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩)}

[النجم: ١٩] بمحضر المسلمين وقريش، ترصد الشيطان تلك السكتة، فدس فيها ما اختلقه، وهو جملة (تلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجى)، محاكيًا بها صوت النبي -صلى الله عليه وسلم-. فسمعه ممن دنا من الكفار فظنوها من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ورأوه قد سجد هو ومن معه من المؤمنين فسجدوا معه سرورًا بذكر آلهتهم، وشاع الخبر في الآفاق، حتى إن المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة أوائل سنة خمس من البعثة، سنة نزول هذه السورة، عادوا فرأوا الأمر على خلاف ما سمعوا ... ولما عرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك حزن وضاق، فأنزل الله عليه مساء ذلك اليوم تسلية له، وتعزية عما لحقه من الأسف قوله جل قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: ٥٢] ولما تحقق عند حضرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك، أخبر المسلمين وقريشًا بأن تلك الكلمات من الشيطان ... ". وهنا نتساءل إذا كانت هذه القصة لم تثبت من طريق صحيح فلِمَ يشغل الشيخ نفسه بها بتسويغ الأسباب لها، ليت شعري كيف يتسنى للشيطان أن يحاكي صوت الرسول -صلى الله عليه وسلم- أثناء قراءته؟ ؟ وإذا كان شيخنا يؤمن بأن الشيطان لا يتمثل بالرسول، ويؤمن كذلك بأن للرسول الكريم نورًا قويًّا لا يستطيع الشيطان أن يقرب منها، كيف يقول ما قال؟

<<  <  ج: ص:  >  >>