[الفكر الديني في مواجهة العصر الدكتور عفت الشرقاوي]
هذا الكتاب يُعنى بدراسة تحليلية لاتجاهات التفسير في العصر الحديث، يبتدئه بالحديث عن التفسير في مواجهة العصر، فيتحدث عن مراحل ثلاث للتفسير هي مرحلة التفسير العملي، يتحدث فيها عن التفسير زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وزمن الصحابة رضوان الله عليهم الذي تمثل بتفسيرات ابن عباس الذي كان يلتمس التفسير المنقول، ولكنه اتجه اتجاهًا لغويًا بعد رائده في تاريخ التفسير وواضع لبتته الأولى. والمرحلة الثانية مرحلة التأويل النظري، والتي ابتدأت بتفسير الطبري، وكان للمعتزلة في هذه المرحلة جهودهم المتعددة في التفسير، ولكن لم يصلنا من هذه الجهود إلا القليل وقد اتسعت آفاق النص أمام المعتزلة بسب ذوقهم البلاغي، وخصوبتهم الفكرية، والكشاف خير مثال على ذلك.
وفي هذه المرحلة كذلك وجد التفسير الصوفي الذي يغالي في الاستنباط والتنقيب على أساس من العاطفة الخاصة التي لا تخضع لمنطق عام.
ومن الكتب التي ميزت هذه المرحلة تفسير الرازي الذي يبدو فيه لعلم الكلام أهمية خاصة، حيث تتشقق المسائل فيه وتتنوع في براعة عظيمة اكتسبها التفسير من النشاط الكلامي الذي بلغ قمته في هذا العصر.
وتأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة الركود، حيث ألفت كتب خلال العصر المغولي والعصر العثماني لا تزيد على تلخيض لجهد سابق، أو شرح، أو تعليق عليه، حتى انحدر النشاط التفسيري إلى مستوى الترديد. والوقوف عند تكرار المنقول، ومن تفاسير هذه المرحلة تفسير الخازن، والبغوي، والدر المنثور للسيوطي. هذا هو الفصل الأول من الكتاب (١).
(١) لا يمكن أن يؤخذ الكلام على إطلاقه، فهناك تفاسير كانت فيها الجدّة، وكان لها الأثر الذي لا =