للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك هي سورة الفرقان، في نظمها البديع وسياقها المحكم، ومنطقها القويم، وردها للشبهات، وبيانها لنظام الله المحكم في الكون، وبيانها الوافي عن المؤمنين عباد الرحمن، فإذا أردنا أن ندرك صلة هذه السورة المكية بما قبلها، وهي سورة النور المدنية فإنه لا يسعنا إلا أن نخر للأذقان سجدًا مسبحين مكبرين.

ذلك أن موضوع السورتين موضوع متشابه، فكل منهما ترد شبهات ومطاعن، إلَّا أن سورة الفرقان ردت شبهات عن القرآن وعن الرسول عليه وآله الصلاة والسلام من حيث هو رسول الله، أما سورة النور فقد ردت شبهات عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ببراءة زوجه السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما. ذلك هو الاتساق والنظام والوحدة البيانية في جمل القرآن وآياته وسوره، وهكذا القرآن كله وصدق الله العظيم {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (١).

[المبحث الثامن: رد افتراءات على البيان القرآني]

هذا هو التفسير البياني للقرآن، ومع ذلك فإننا نجد بعض المضللين يثيرون شبهات حوله، من هذه الشبهات الباطلة المتداعية الواهية ما يقوله (نولدكه): (كان غرض محمد الوحيد، في السور المكية، تحويل الناس بطريق الإقناع عن عبادة الأصنام الباطلة إلى عبادة إله واحد. هذا هو الهدف الأساسي في دعوته مهما تشعب الموضوع، إلا أن محمدًا بدلًا من أن يتوجه إلى عقول سامعين يقنعها بالبراهين المنطقية، لجأ إلى الفن الخطابي، ليؤثر في عقولهم عن طريق الخيال والوجدان) (٢) ومنها ما جاء في دائرة المعارف البريطانية تحت مادة (قرآن)، حيث ذكر كاتب المقال في هذه الدائرة:

(فليس هناك مهارة أدبية عظيمة واضحة مبنية في التكرار، الذي لا لزوم له لنفس


(١) القرآن معجزة لغوية وعلمية بحث قدمته لكلية أصول الدين.
(٢) تاريخ الأدب العربي للأستاذ نيكلسون.

<<  <  ج: ص:  >  >>