للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلمات والجمل) (١).

أما الشبهة الأولى، فيكفي للرد عليها، ما جاء في القرآن نفسه من آيات كثيرة تخاطب العقل، وتقيم له البراهين المنطقية، التي لا يمكن لنتائج الفلسفة على اختلاف عصورها، أن تصل إلى ما وصل إليه القرآن، وذلك مثل قول الله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون: ٩١] {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢]، {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [النحل: ١٧] {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [الطور: ٣٥ - ٣٦]، {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس: ٨٠]، وفي القرآن آيات كثيرة غير هذه تخاطب العقل، وتدفع الباطل بحجة المنطق.

وأما الشبهة الثانية، فمع كل أسف لم تأت من شاعر عربيد، ولا من جاهل من جهلة الإكليروس، وإنما جاءت ممّا يسمى دائرة معارف، ولكنها معارف معوجة السبل، خبيثة المقصد والغاية، إن العرب وهم فرسان البلاغة وأساطين الفصاحة، بهرهم هذا التكرار، الذي يعترف بعض الغربيين أنفسهم، بأنه من أعظم الوسائل للتربية والتعليم والتأثير في مختلف الشؤون، أمثال (جوستاف لوبون) ولكنه الجهل الأعمى بل والتعصب الأعمى بل إن النهضة الأدبية كانت وليدة تأثر الغرب بالقرآن).

ومع ذلك كله، فسيبقى القرآن في علوه ورفعته وسمو منزلته، كتاب الحياة للأحياء. وصحيفة العقل للذين يحترمون العقل، وصدق الله العظيم {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الزخرف: ٤٠] {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤١ - ٤٢] (٢).


(١) ج ١٣ ص ٤٥٤ - ٤٥٥.
(٢) سطرت هذا القول قبل ما يقرب من ثلاثين سنة، وقد منّ الله عليّ من بعد -وله الفضل دائمًا- فوفقني لإخراج كتاب (قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية)، وبعض البحوث في رد التكرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>