للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى آزوت فعال، يتحد بأشياء كثيرة في درجة الحرارة العادية، كما وجدوا أنهم يستطيعون أن يحملوا الآزوت على الاتحاد بالأوكسجين، بامرار الشرر الكهربائي، في مخلوط منها. ومن هذا الاتحاد ينشأ بعض أكاسيد للآزوت، قابل للذوبان في الماء. وإذا ذاب فيه اتحد به، وكوّن حامضين آزوتيين، أحدهما حامض الآزوتيك، أو ماء النار، كما كان يسميه القدماء. وإليه يصير الحامض الثاني. وقليل من حامض الآزوتيك في الماء كاف لإفساد طعمه.

أظنك الآن قد بدأت تدرك الطريق، الذي يمكن أن ينقلب به ماء المطر ماءً أجاجًا، من غير خرق لأي سنة من سنن الله، فهو نفس الطريق الكهربائي الذي يتكون به المطر. وكل الذي يلزم - أن يتعدل التفريغ الكهربائي، ويتكرر في الهواء تكرارًا، يتكون به مقدار كاف من تلك أكاسيد الآزوتية، يذوب في ماء السحاب، ويحوله حامضيًا لا يسيغه الناس.

وهذا هو موضع المن من الله تعالى على الناس، أنه يكيف التفريغ بالصورة التي ينزل بها المطر ولا يؤج بها الماء) (١).

هذا هو الإعجاز العلمي في الآية كما أبانت عنه، بعبارة موجزة وكما وضحه الأستاذ الغمراوي ويقيني أنه قد وفق وأجاد.

[الإعجاز البياني في الآية]

وهناك نوع آخر من الإعجاز في الآية، وهو إعجاز بياني، كان من حقه أن لا يذكر هنا، لأن هذا الفصل قد خصص للاتجاه العلمي - لكن ذكر الآية هنا، هو الذي أوحى به، وهو في قول الله تعالى: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ}. حيث حذفت اللام بينما أثبتت في التي قبلها، أعني قول الله: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} [الواقعة: ٦٥]، وقد عرض الإمام الزمخشري رحمه الله لهذه النكتة، على


(١) سنن الله الكونية.

<<  <  ج: ص:  >  >>