بكلمة (فترى الودق) بحرف الفاء السببية والتعقيبية. أي أنَّها تقول بعدما تتوافر العوامل الثلاثة فلا بد أن يحصل المطر فورًا. فهذا الترتيب الطبيعي الثلاثي لحصول المطر، لم يحققه العلم، ولم يطلع عليه العلماء على الوجه العلمي الآنف الذكر، قبل ما ينوف على ثلاثة عشر قرنًا) (١).
وهذه جوهرة أخرى من جواهر الإعجاز القرآني، صافية في مزنها متلألئة في بريقها، ننقلها من كتاب قيم لعالم مؤمن: أما الكتاب فهو (سنن الله الكونية) وهي مذكرات كتبها المؤلف لطلاب كلية أصول الدين، وأما الكاتب فهو الأستاذ الغمراي الذي مر ذكره من قبل. وأما الجوهرة فهي قول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} [الواقعة: ٦٨ - ٧٠] حيث يقول الأستاذ: (وتستطيع - بعد أن عرفت العوامل المتعددة التي لا بد من تعاونها على تكوين المطر - أن تدرك شيئًا من سر الحجة في هذا السؤال العجيب. ولكن الإشارة التي أردنا أن نلفت النظر إليها هي قوله تعالى:{لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} والناس طبعًا يسلمون بالقدرة الإلهية على قلب العذب أجاجًا. ويظنون أن هذا يكون عن طريق الخوارق، ولا يتساءلون - هل في سنن الله ما يسمح بهذا؟ .
ولو تساءلوا وتطلبوا الجواب في العلم، لوجدوه قريبًا، ولعرفوا أن عذوبة الماء، الذي يسقيهم الله إياه من السحاب هي بمحض رحمة الله، إن الماء طبعًا عذب بطبيعته. وماء المطر معروف أنه أنقى المياه، ولكن طبيعة تكونه من السحاب، تعرضه لأن ينقلب أجاجًا لا ينتفع به الإنسان.
إن الهواء كما تعرف أربعة أخماسه آزوت أو نيتروجين، والآزوت كما تعرف أيضًا لا يكاد يتحد في المادة بشيء، ولا بالأوكسجين الذي يكاد يتحد بكل شيء. لكن الكيماويين وجدوا أنهم يستطيعون بالكهربائية، أن يحولوا الآزوت غير الفعال