أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّه} [الآية: ٥٠] , ذكر اعتراض وجوابه قال:(هذا وإن بعض الكفار وبعض الشاكِّين والمتشككين في الإِسلام يقولون لو أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أوتي آية بينة ومعجزة واضحة تدل على نبوته ورسالته لما طلب قومه الآية، وأن هذا الجواب بقدرة الله على تنزيل الآية ومعنى العلم عن أكثرهم لا تقوم به الحجة عليهم المبطلة لحق طلبهم). ثم أجاب عن هذا بما خلاصته ما قدمناه من: أن القرآن هو المعجزة القطعية الباقية الخالدة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن الجواب لم يقتصر على ما ذكر بل قد علمت أن الإجابات تعددت تلفت أنظارهم إلى حكمة الامتناع عن الإرسال بالآيات الخارقة.
ويقال أيضًا: إنه لما كانت أسئلتهم أسئلة تعنت وإحراج، لا أسئلة تثبت واسترشاد ناسب أن يجابوا بمثل هذه الإجابات: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣)} [الأنفال: ٢٣].
{وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} أكَثْرَ المفسرون في بيان المعنى المراد بالهادي في هذه الآية، فذهب بعضهم إلى أن المراد به: الله تبارك وتعالى، وذهب آخرون إلى أنه: محمد - صلى الله عليه وسلم - أو النبي أيا كان أو قائد يقودهم أو داع يدعوهم إلى الخير. كل ذلك مروي بأسانيده، وقال ابن جرير بعد أن أورد كثيرًا من هذا: (وقد بينت معنى الهداية، وأنه الإِمام المتبع الذي يقدم القوم، فإذا كان ذلك كذلك، فجائز أن يكون ذلك هو الله الذي يهدي خلقه.
٨ - تناولُه للقضايا العلمية التي تشير إليها الآيات:
وقد كان تناول الشيخ البنا لهذه القضايا في اعتدال ودون إسراف ولا تكلف، وذلك وفق المنهج الذي ذكره في المقدمة التي كتبها، وأشرنا إليها سابقًا، إذ عدَّ من مزالق المفسرين في القديم والحديث الغُلُو في تطبيق آيات القرآن على العلوم الكونية، وذكر أنه تكلف يخرج بالقرآن عن مقصده من الهداية والإصلاح.
وفي سورة الرعد عند قوله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}[الرعد: ٢] عرض الشيخ لحكمة ذكر المظاهر الكونية في القرآن، وحد ما وصل