ونستطيع بعد ذلك أن نلخص موقف القرآن من العلوم الكونية العصرية وغير العصرية مما سبقها أو مما سيلحقها أو موقف هذه العلوم من القرآن الكريم في هذه النقاط:
١ - ليست مهمة القرآن شرح بحوث هذه العلوم تفصيليًا، وإنما تَركَ ذلك للعقل الإنساني يكشف في كل طور من أطوار رقيه وكماله جزاء منه يتناسب مع مقدرته وما أتيح له من وسائل البحث والإدراك السليم.
٢ - إنما عرض القرآن لما عرض له من هذه البحوث تنبيهًا لما فيها من دقة الصنع وجمال الإبداع ليكون ذلك حافزًا إلى معرفة الله وصدق الإيمان به كما يكون حافزًا إلى دوام البحث والنظر كذلك.
٣ - إن هذا لم يمنع القرآن الكريم من أن يتعرض لكثير من النواميس الدقيقة في هذه العلوم إرشادًا للخاصة من الناس وإثباتًا لنسبة هذا الكتاب الكريم إلى العليم الحكيم.
٤ - كان أسلوب القرآن في التكلم عن هذه المظاهر الكونية أسلوبًا معجزًا حقًّا ... فيه إجمال وفيه دقة وفيه وضوح إلى جانبهما فهو يرضي النفس الفطرية كما يشبع نهمة الفكرة العلمية كما لا يمكن أبدًا أن يصطدم في مرونته وسعة معاني ألفاظه بنتائج البحث العلمي أيأ كان في أي عصر من العصور وهذا من أبلغ وجوه إعجاز القرآن.
٥ - إن القرآن بهذا الأسلوب فارق ما في أيدي الناس مما يزعمونه التوراة والإنجيل، فقد امتلأت بالتفريعات الدقيقة لهذه العلوم.
ومن الإشارات العلمية التي ذكرها البنا في تفسيره، ما ذكره عند قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ}[الرعد: ٣] "ولا تنافي بين ما جاء في القرآن الكريم من التعبير بهذه الألفاظ.