يقتصر على نقل الأقوال، بل نراه يجمع إليها كذلك قضايا القراءات، وبعض قضايا الإعراب. وهذه المسائل بالطبع لم تكن هي القصد الأول لهؤلاء المفسرين. بل كان قصدهم هو نقل الروايات.
[ابن جرير الطبري]
كان الاعتقاد السائد أن ابن جرير هو الذي خطى في التفسير هذه الخطوة ونقله تلك النقلة. إلا أن العلامة ابن عاشور رحمه الله، يذكر أن هناك حلقة بين ابن جرير، ومن سبقه ممن عني بنقل الروايات فحسب، نقل عنها العلماء والمستشرقون، ويعني بذلك تفسير يحيى بن سلام، الذي ذكر فيه بعض أوجه القراءات، كما كان يرجح بعض الآراء على بعض، ويبدي رأيه في ذلك (١).
ومهما يكن من أمر فإن جامع البيان لابن جرير كان الإمام والمورد في تفسير القرآن للعلماء جميعًا. ولا أشك في أن تفسير ابن جرير، كان الممهد لمن جاء بعده من المفسرين على اختلاف اتجاهاتهم، فالمعروف أن ابن جرير لم يذكر في تفسيره الروايات فحسب، بل كان يرجح ما يراه مستحقًّا للترجيح، ويذكر أوجه القراءات وبعض مسائل اللغة من إعراب وغيره، ويتطرق إلى النواحي الفقهية وأمور العقيدة، والخلاف مشهور بينه وبين الحنابلة في بعض المسائل. إننا لا نعدو الحقيقة إذا قلنا: عن تفسير ابن جرير كان النواة الأولى للتفسير بالرأي، وليس كما شاع من إن تفسير بالمأثور فحسب. ولعل الذين جعلوه من قسم التفسير بالمأثور، نظروا إلى ما فيه من روايات كثيرة فحسب. يقول الشيخ ابن عاشور رحمه الله (والعجب كل العجب، من ابن خلدون، حين راجت عليه هذه الشبهة، فعده من
(١) التفسير ورجاله ص ١٠ فما بعدها وقد أشار ابن عاشور إلى أن عبد الملك بن جريج قد وضع تفسيرًا بالمأثور في القرن الثاني الهجري قبل تفسير ابن سلام ومع ذلك فإن تفسير ابن جربر لا شبيه له.