للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدوني الآثار المنقولة، مثل الواقدي والثعالبي، وقد يرجع السبب في ذلك، إلى أن تفسير الطبري، كان منذ قرون مفقودًا أو في حكم المفقود، حتى إن صاحب كشف الظنون لم يقف عليه (١).

لقد كان محمد بن جرير رحمه الله إمام المفسرين بحق، وكان تفسيره الأنموذج العلمي ذا الروعة والبيان. لذلك عرف الأئمة فضله، فقالوا ما قالوا فيه وعنه، ولا يحط من قيمته العلمية، ما فيه من بعض الإسرائيليات أو الروايات الضعيفة، ما دام يبين أسانيدها -ومن أحالك فقد أسندك- ومن الظلم لعلمائنا وتراثهم، أن نغمطهم حقهم، وأن نضع هذا التراث ونحفظه في متاحف أثرية، كما يرى الأستاذ عبد المنعم النمر، في مقال كتبه في مجلة العربي عن تفسير الطبري. فهو يرى أن يختصر أمثال هذا التفسير، وأن تبقى النسخ الأصلية في مكتبات لا يطلع عليها إلا الخاصة. إننا حينما نصدر أحكامنا على الناس، ينبغي أن نراعي الظرف والبيئة التي عاشوا فيها، فهل نريد من ابن جرير مثلًا، أن يرد في تفسيره على مطاعن المستشرقين، أو يبين لنا بوضوح أنظمة القرآن في الاجتماع والسياسة والمال، مقارنًا ذلك بالنظم الأخرى؟ . إن من الإنصاف الواجب علينا أن نقدر رجلًا كان يريد أن يجعل تفسيره ثلاثين ألف ورقة، لولا الرفق بطلابه ومستمعيه، فجعله في ثلاثة آلاف.


(١) التفسير ورجاله ص ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>