ما يهدف إليه الإسلام في تشريعاته، وبين ما تتخبط فيه أمتنا اليوم من واقع سيئ، جرها إليه انحرافها عن مبدئها، أو استبدالها الذي هو أدنى بالذي هو خير، وهو يجلي في آيات التشريع كغيرها من الآيات، هداية القرآن واضحة تامة يظهر هذا وهو يتكلم عن أحكام الظهار والمناجاة، في سورة المجادلة وعن أحكام الفيء وموالاة غير المسلمين في سورتي الحشر والممتحنة. كما يتكلم عن أحكام الجمعة وحكمتها في سورتها.
ونقتبس هنا جزءًا من تفسيره لسورة الطلاق. فبعد أن أتى بتاريخ نزول السورة وعدد آياتها، والقصد منها، والروايات الواردة في الطلاق بعبارة واضحة وتفسير مقبول، قال:"والمتأمل في أدب القرآن في هذا الموضوع يلمس حرصه على بقاء الحياة الزوجية ما أمكن، لأن الطلاق أبغض الحلال إلى الله، فهو كالعقاقير السمية التي لا ينبغي أن تُستعمل إلا بتحفظ شديد وبمقدار جد يسير. ثم أمر تعالى بإحصاء العدة بمعرفة ابتدائها وانتهائها، لتكون الزوجة على بيِّنة من أمرها، إذا طلبها من طلبها، ومعلوم أن المرأة المدخول بها إذا طلقت طلاقًا واحدًا أو اثنين كان لزوجها أن يراجعها في العدة، فإن فاءت كانت خطبته من جديد إذا أراد، أما إذا طلقها ثلاثًا، فلا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، ويطلقها هنا دون اللجوء إلى التواطؤ المعيب، الذي يلجأ إليها الجاهلون وينسبونه إلى الإسلام، والإسلام منه بريء، وهو طلاق المحلل أو التيس المستعار، كما نعته رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
[٤ - رأينا في التفسير]
بعد هذا الاستعراض لنهج المفسر، والاستشهاد ببعض النماذج، فإنني لا أعْدُو الحقيقة، ولا أشتط في الحكم، إذا قلت: إن هذا التفسير من خير التفاسير، وأنفعها وأكثرها ملاءمة لهذا العصر، لما فيه من اتجاهات مفيدة متعددة ... وإن المسلمين وبخاصة الشباب الناشئ، بحاجة إلى فهم القرآن فهمًا صحيحًا، وإدراك مقاصده إدراكًا يلبي ما في أنفسهم من رغبات، ويزيل ما فيها من شبهات، فتتبختر حجة القرآن في عقولهم وقلوبهم اتضاحًا، وتتلاشى شبهات الباطل في نفوسهم افتضاحًا، كل ذلك في تفسير غير موجز مخل، ولا مطول ممل.