كتيب من القطع الصغير، يقع في (٢٥٢ صفحة) يبدأ المؤلف فيه الحديث عن نشأة التفسير، ويبين فيه أن إجماع الأمة انعقد على أن كل لفظ في القرآن له معناه الإفرادي، وكل كلام له معناه التركيبي وأنه لم يرد في القرآن ما لا معنى له، وذكر أن الحاجة إلى التفسير، إنما هي حاجة عارضة نشأت من سببين الأول: أن القرآن لم ينزل دفعة واحدة وإنما كان نزوله وتبليغه في ظرف زمني متسع جدًّا، والسبب الثاني هو أن دلالات القرآن الأصلية التي هي واضحة بوضوح ما يقتضيه من الألفاظ والتراكيب تتبعها معان تكون دلالة التركيب عليها محل إجمال أو محل إبهام.
ويتحدث عن التفسير بالمأثور، ويذكر من اشتهر من الصحابة بالتفسير، وعلى رأسهم ابن عباس رضي الله عنهما، وعناصر التفسير عند ابن عباس أربعة: أسباب النزول، ومبهم القرآن، واللغة، والأخبار التي لم تجيء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- استفادها من الأمم الأخرى كأهل الكتاب، والعنصران الأخيران لا يصح اعتبارهما من التفسير بالمأثور لأن مرجعهما إلى الفهم والمعرفة العامة، ويتحدث الكاتب عن التفسير في عهد التابعين، وكان منهم الموثوق الذي أخذ التفسير عن ابن عباس، وكان هناك من افترى على ابن عباس، ومن هنا طرأ الاختلاط على التفسير بالمأثور فيما ورد عن ابن عباس وما ورد عن غيره ومن هنا قام العلماء بنقد الحديث وبيان الصحيح من السقيم.
وقد انبرى أحد الأئمة الثقات من رجال الحديث في القرن الثاني إلى جمع الأخبار المتعلقة بالتفسير في كتاب وهو عبد الملك بن جريج، فكان أول من ألف في التفسير. ويتحدث الكاتب عن بعضه المؤلفين في التفسير بالمأثور وأولهم يحيى بن سلام وتفسيره من أقدم التفاسير الموجودة اليوم على الإطلاق، وهو يعد مؤسس طريقة التفسير النقدي، أو الأثري النظري التي سار عليها الطبري بعده واشتهر بها،