وأذكر أن الأستاذ الشيخ الذهبي -رحمه الله- الذي كان المشرف الأول على رسالتي التي كتبتها لنيل درجة الدكتوراه قد ذكر هذه القضية في كتابه (التفسير والمفسرون) غير مرة على أنها من المسلمات، وقلت له: إنني خالفتك في هذه القضية، حيث إنني بعد الدراسة والتمحيص، وجدت من الأحرى أن يرد هذا القول. فقال: رحمه الله، بكل أدب وذوق، وتلك لعمر الحق أخلاق العلماء: سآخذ ما كتبته لأضعه عندما أطبع كتابي -التفسير والمفسرون- طبعة أخرى ولكنه استشهد رحمه الله رحمة واسعة قبل أن يطبع كتابه طبعة جديدة.
[الروايات في هذه القضية وتمحيصها]
ولا بد من أن نعرض لهذا القول من عدة نواح. سرد الروايات أولًا، ومناقشة سند الحديث ثانيًا، وفي الخطوة الثالثة نناقش متن هذا الحديث، لكي نكون على بينة من الأمر فتتبعها، ولا نتبع أهواء الذين لا يعلمون. وإليكم روايات هذا الحديث:
١ - أخرج الفريابي (حدثنا سفيان عن يونس عن عبيد عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لكل آية ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع).
٢ - وأخرج الديلمي من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعًا (القرآن تحت العرش له ظهر وبطن يحاج العباد)،
٣ - وأخرج الطبراني وأبو يعلى والبزار وغيرهم عن ابن مسعود موقوفًا (أن هذا القرآن ليس منه حرف إلا له حد ولكل حد مطلع).
٤ - وأخرج ابن حبان في صحيحه قال: أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن محمد بن عجلان عن أبي إسحاق الهمداني عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن)(١).