للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَصْلُ السَّادِس التفسيرات المنحرفة

[تمهيد]

أطلق أستاذنا الذهبي على هذا النوع من التفسير، التفسير الإلحادي (١) كما أطلق عليه الأستاذ مصطفى الطير التفسير المَرَضيّ (٢). ولقد آثرت أن لا أذكر هنا كلمة اتجاه، جريًا على عادتي في الفصول السابقة ذلك لأن هناك بعض التفسيرات لم يكن الانحراف اتجاهًا لأصحابها، وإنما جاء نتيجة لبعض أسباب، ربما أعرض لها فيما بعد إن شاء الله.

والقرآن منذ أنزله عالم الغيب والشهادة، بوساطة الروح الأمين على قلب الرسول عليه وآله الصلاة والسلام، منذ ذلك الوقت وجه إليه مرضى القلوب التهم والمطاعن، وألقوا فيه الشبهات، وحال بعضهم أن يعارضه -كما قيل- لكن ذلك كله لم يقو على الحياة والحركة، بل لم يلبث أن تلاشى كتلك الفقاعات التي تطفو فوق الماء، وهذا شأن الزبد يذهب جفاء، وإذا كان كل هذا من هؤلاء العرب الأقحاح، قد تحطم على صخرة القرآن الصلبة -والمفترون لم تفسد سليقتهم- فمن الطبيعي أن يكون أقرب إلى التحطم والزوال ما جاء به وافتراه غير هؤلاء ممن فسدت طبائعهم وأذواقهم. والقرآن -وقد تكفل الله بحفظه- لا يطمع أحد أن يغير فيه أو يبدل وكل الذي يطمع فيه هؤلاء ما سجله القرآن نفسه: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: ٧]. وصدق الله، ومن أصدق من الله حديثًا، ومن أصدق من الله قيلًا.


(١) التفسير والمفسرون جـ ٣ ص ١١٨.
(٢) اتجاه التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>