للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك النموذج ينبض بالحياة وهو يقبس من القرآن معنى القرآن، وكأنما تنزل عليه المعاني من سماء تلك الآيات، فيحيلها مادة كلامية، تشترك مع غيرها بخصائص الكلام، ولكنها تزيد عليه بما فيها من روح التعبير، رحم الله الرافعي، وجزاه عما بذل من عصارة قلبه وراحة أعصابه، في خدمة كتاب الله خير الجزاء. وأرجو أن يصدق عليه ما روي عن الرسول عليه وآله الصلاة والسلام (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين) (١).

[٢ - فضيلة الأستاذ الدكتور محمد عبد الله دراز]

لقد فتح الرافعي رحمه الله باب البيان القرآني في العصر الحديث، ولكنه كان ذا عمق في الفكرة وعلو في الأسلوب، وسمو في العبارة، وربما يحول هذا كله بين بعض الناس وبين ولوج هذا الباب. فكان لا بد ممن يسير على منهجه مع عمق في البحث، وسهولة في الأسلوب، ويسر في العبارة وإلمام بالفكرة، فهيأ الله لكتابه ولتلك الأمة رجلًا جمع إلى تلك الخصال كلها، روحانية الكلمة ذلكم هو الأستاذ الدكتور محمد عبد الله دراز رحمه الله. إنه الرجل الذي يصل معناه إلى قلبك، حين وصول لفظه إلى أذنك، ولقد كانت كتابته ومحاضراته خير شاهد على ذلك.

يذكر الدكتور دراز أن القرآن معجزة لغوية قائمة على أسس وركائز، ولم لا يكون كذلك؟ وما هي الشكوك والشبهات التي عساها تحول بين المرء وبين صدق اليقين؟ ها هو الأستاذ رحمه الله يواجه هؤلاء في كتابه (النبأ العظيم) وهو يوجه لهم ما عساه يحيك في صدورهم، من غبار الشك وتسويل النفس، ووسوسة الشيطان وعفارة الأفكار. يقول:


(١) ذكره ابن عبد البر في التمهيد جـ ١، ص ٥٩، المطبعة الملكية بالمغرب، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (١/ ١٤٠) والبيهقي في سننه (١٠/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>