للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكايات عن مفروض متخيل، لا واقع له تنطبق عليه، وإنما هي تخييل واختراع في اختراع {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف: ٥]. وكما لم يعجب الشيخ قول أصحاب التأويل ورد على أصحاب التمثيل أقوالهم مستنكرًا فإنه لا يعجبه كذلك إسراف نقلة الروايات في القصص، ما صح منها وما لم يصح، كما فعل بعض المفسرين. والرأي الذي يرتضيه هو الوقوف عند ما أخبر به القرآن، ويستحسن الشيخ ما قاله الإمام محمد عبده، من أنه ينبغي أن تؤخذ القصة القرآنية، سواء عرفها الناس أم جهلوها.

[٢ - رأيه في الإيمان بالغيب]

للشيخ رأي في مسائل الغيب، وهو الإيمان بما ورد فيها في حدود، دون تزيد أو محاولة لقياس الغائب على الشاهد وأنه لا يجب الإيمان في ذلك إلا بما صح وأفاد العلم من كتاب أو سنّة (١)، وهذا يعني أنه لا يحتج بصحيح خبر الآحاد، وهذا عين ما ذهب إليه الإمام، ومن ذلك ما ذهب إليه من إنكار نزول عيسى عليه السلام، ويحسن هنا أن أورد مثالًا يوضح طريقته في تفسير هذه المسائل، ففي تفسير سورة الأعراف، بعد أن يورد اثني عشر قولًا، في تفسير الحجاب الذي بين الجنة والنار وأصحاب الأعراف يقول (٢):

(والذي يجب علينا أن نقف عنده هو - أن هناك حجابًا بين الجنة والنار، قد يكون ماديًا وقد يكون معنويًا، والله أعلم بحقيقته، والمقصود أن بين الجنة والنار ما يحجز بين الفريقين، وأن هذا الحجاب الحاجز، لا يمنع من دخول ووصول المناداة، وأن هناك مكانًا له صفة الامتياز والعلو، وأنه يكون على هذا المكان رجال لهم من المكانة، ما يجعلهم مشرفين على هؤلاء وهؤلاء، ينادون كل فريق بما


(١) تفسير القرآن الكريم ص ٥٠٥.
(٢) تفسير القرآن الكريم ص ٥٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>