للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نجد عُتوًا وعنتًا وحقدًا أكثر من هذا الحقد الذي نجده من إدارة البيت الأبيض الذي نسأل الله أن يجلله بالسواد، وصنيعته بريطانيا، وعلماء المسلمين في إغفاءة عميقة:

شعوبك في شرق البلاد وغربها ... كأصحاب كهف في عميق سبات

بأيمانهم نوران: ذكر وسنة ... فما بالهم في حالك الظلمات (١)

وهذه الإذاعات -وما أكثرها- تفتح (استوديوهاتها) للمتحدثين باسم الإسلام لكنها أحاديث بعيدة عن واقع المسلمين، أليس مما يملأ النفس حسرة وأسفًا أن نجد شرائح كثيرة من شرائح الشعب -فنانين وغيرهم- يتحدثون عن هذا الواقع المرّ، ولكن لا تسمع صوت العلماء الذين أخذ الله عليهم الميثاق أن يبينوا للناس أمر هذا الدين ولا يكتمونه، واشتروا بذلك ثمنًا قليلًا، فبئس ما يشترون؟ ألست هذه نهاية الظلم، ونرجو أن تكون كذلك، ظلم الذين يسكتون عن الحق، ويشغلون الأمة بما لا طائل تحته كأنما الدين شيء بعيد كل البعد عن الحياة، فليتق الله هؤلاء وأولئك، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: ٢١].

[٣ - وحدة هذه الأمة]

بقيت مسألة من المسائل التي كان لها أثر في التفسير الحديث، وأعني بها مسألة وحدة الأمة المسلمة. وفي القرآن آيات كثيرة تؤكد أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض وأن هذه الأمة أمة واحدة. وتحذر من الاختلاف والتفرق، وترشد إلى أسباب كل من الوحدة والتفرق. لنأخذ بالأولى ونذر الثانية. وكان طبيعية أن يعرض المفسرون لهذا الأمر. ولعل تلك المحاولات التي برزت في مظاهر متعددة كالجامعة الإسلامية والمؤتمرات الإسلامية، كانت صدى لتلك الصرخات المدوية ممن حملوا كتاب الله. فجنسية المسلم، إنما هي عقيدته، وأن لا إله إلا الله هي البطاقة


(١) من قصيدة أحمد شوقي "إلى عرفات الله".

<<  <  ج: ص:  >  >>