للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى دوران الأرض حول نفسها. كما يقرر أن الله تعالى ذكر في آية الأعراف: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} بينما ذكر في آية الرعد: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} [الرعد: ٣]، دون الجملة الأخيرة، ويرى أن سبب ذلك أن آية الأعراف، تكلمت عن مبدأ خلق السماوات والأرض، وهذه هي {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا}. أما آية الرعد فإنما تحدثت عن الأرض بعد خلقها وتهيئتها وهذه هي {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. ذلك أن الأرض كانت أسرع دورانًا حين خلقها، ثم بدأت تخف حركتها، حتى استقرت إلى ما هي عليه الآن، أي تكمل دورتها في أربع وعشرين ساعة. ولهذا ذكرت جملة {يطلبه حثيثًا}، عند بدء الخلق.

وأقول إذا صح هذا علميًّا، فإنه من الدقائق القرآنية التي يبرز الإعجاز العلمي في صورة واضحة مشرقة، والتي أظهر مكنونها الأستاذ شكر الله له.

كما يقرر أن قول الله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} أن أصل السلخ فصل الجلد عن اللحم، وتلك إشارة إلى أن ضوء النهار، إنما يغشي ظاهر الأرض، غير ممتد إلى باطنها، كما هو الحال في الجلد بالنسبة إلى اللَّحم.

[٣ - الفرق بين السبح والجري]

وعند تفسيره لقول الله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}، وقوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} أنه لا معنى لسبح الليل والنهار باعتبارهما زمانين، بل إن المقصود سببهما من أرض ونجوم: ثم يعرض لمعنى دقيق في الآيات، وهو هل الجري والسبح شيء واحد؟ وإذا كان كذلك فلمَ التكرار في الآيات، ويرى أن معناهما مختلف. فالسبح إنما هو الحركة السريعة الذاتية، والجري الحركة السريعة ذاتية أو غير ذاتية. فالسبح إذن هو حركة هذه الأجرام المنبعثة منها، أما الجري فهو حركتها لمستقر أو أجل مسمى، وهو نهايتها. فهي

<<  <  ج: ص:  >  >>