لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى: ٢٣] إن قريشًا لما غلبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - واستعصوا عليه قال. اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف" فأخذتهم سنة فكلوا فيها العظام والميتة من الجهد حتى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجوع، قالوا: ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون، فقيل له: إن كشفنا عنهم عادوا فدعا ربه فكشف عنهم فعادوا فانتقم الله منهم يوم بدر فذلك قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (١٤) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (١٦)} [الدخان: ١٠ - ١٦](١).
وصحيح أن هذا التفسير روى عن عبد الله بن مسعود، لكنه يمكن أن نعطيه حكم الحديث المرفوع، لأنه إخبار عن واقعة عين.
وقد جاء في تفسير الآية قول آخر، وهو أن الدخان من علامات الساعة التي تكون في آخر الزمان، وهذا التفسير لا يثبت أمام التفسير الأول، لمخالفته ما صح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولمخالفته السياق كما سنعلم فيما بعد، حتى إن صح الحديث فلا يعد تفسيرًا للآية الكريمة.
وخلاصة القول أن ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تفسير كتاب الله تعالى ينبغي أن لا يُعدل عنه.
[الدعامة الثانية: اللغة]
القرآن الكريم كرم الله به هذه اللغة، فكانت قوالب لمعانيه الشريفة وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تبين هذه الحقيقة {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٣ - ١٩٥]
(١) أخرجه البخاري في كتاب التفسير/ سورة الدخان حديث ٤٥٤٥.