تموز عام ١٩٠٥ م، في الثامن من جمادى الأولى ١٣٢٣ هـ في مدينة الإسكندرية، ودفن في القاهرة.
ثانيًا: العوامل التي أثرت في تكوين شخصيته:
كان الشيخ رحمه الله ذا شخصية قوية فذة تمتاز بميزات في أكثر من جانب: الجانب العلمي والجانب الإصلاحي، والجانب الأخلاقي والروحي، كل هذه كانت واضحة في شخصية الشيخ. فلا بد أن نبحث إذن عن تلك العوامل التي أثرت في تلك الشخصية إيجابًا أو سلبًا، قريبة أو بعيدة. مباشرة كانت تلك العوامل أو غير مباشرة، وعلى ضوء الدراسة لحياة الشيخ وتاريخه، سأحاول أن ألم ببعض تلك المؤثرات متجنبًا الإسهاب والإطناب ما استطعت.
نشأ الشيخ في أسرة متوسطة الحال كما أسلفت. وكان أبوه قد تزوج بعد أمه فعاش ذلكم الجو الاجتماعي الخاص، وكان أبوه قد ترك موطنه الأصلي، نتيجة للظلم والاضطهاد والتعسف، وكان هذا وذاك من العوامل الأولى التي تفتحت عيونه عليها. ولعل هذه الأسباب وغيرها كانت من أهم الحوافز التي جعلت الشيخ يندفع فيما بعد في دعوته الإصلاحية للمجتمع الذي يعيش فيه، على أن عامل الوراثة كذلك ينبغي ألا يهمل أثره، فقد عرف عن والده الجرأة والصلابة والقسوة على من يعاديه. يقول الشيخ:
(وكنت أعقل من صغري، ما كان عليه والدي من ثباته في عزيمته، وشدته في المعاملة، وقسوته على من يعاديه. وأخذت عنه هذه الصفات ما عدا القسوة، وأما والدتي فكانت منزلتها بين نساء القرية لا تقل عن مكان والدي، وكانت ترحم المسكين، وتعطف على الفقراء، وتعد ذلك مجدًا وطاعة لله وحمدًا)(١).
وبعد أن ترك الشيخ جو القرية، ذهب إلى الجامع الأحمدي في طنطا، وكان لا
(١) الأعمال الكاملة للإمام. ٢/ ٣٢١ وما بعدها ط ٢، ١٩٨٠ م.