ثم انتقل إلى الأزهر الشريف سنة (١٨٦٦ م -١٢٨٣ هـ) واستمر فيه حتى حصل على الشهادة العالمية سنة (١٨٧٧ م -١٢٩٤ هـ) عين بعدها مدرسًا للتاريخ في مدرسة دار العلوم، ومدرسًا للعلوم العربية في مدرسة الألسن الخديوية.
وقد التقى في أثناء دراسته في الأزهر الشيخ جمال الدين الأفغاني، وصاحبه عام (١٢٨٧ هـ -١٨٧٠ م) وكان من أقرب المقربين إليه. وعندما نفي الشيخ جمال الدين، عزل الشيخ محمد عبده من عمله، وفرضت عليه الإقامة الجبرية في قريته. ثم استصدر رياض باشا عفوًا له من الخديوي عام (١٨٨٠ م -١٢٩٧ هـ)، وعينه محررًا في الجريدة الرسمية، فرئيسًا لتحريرها في نهاية العام، وساعده مركزه على الكتابة فكان في كتاباته يطالب بالإصلاح الاجتماعي والسياسي.
وحينما حدثت الثورة العرابيّة، كان له دور بارز فيها، على الرغم من أنه لم يكن بادي الأمر مقتنعًا بهذا الأسلوب في الإصلاح، وعندما فشلت الثورة حوكم مع من حوكم، ونفي إلى سورية فأقام فيها نحو سنة. ثم سافر إلى باريس بدعوة من الشيخ الأفغاني، فأصدر هناك مجلة (العروة الوثقى)، ولكن هذه المجلة لم تعمر طويلًا، مما اضطر الشيخ أن يستقر بعد تطواف في بيروت، وكان له هناك نشاط واسع في المساجد والمدارس الدينية.
وعاد في سنة (١٨٨٨ م - ١٣٠٥ هـ) من منفاه، بعد أن عفا عنه الخديوي توفيق، وعين في سلك القضاء، وترقى فيه حتى أصبح مستشارًا بمحكمة الاستئناف. ثم عين عضوًا في مجلس إدارة الأزهر، الذي أسس بفضل سعيه عند الخديوي عباس، ثم صدر أمر بتعيينه مفتيًا للديار المصرية، وعضوًا في مجلس شورى القوانين في عام (١٨٩٩ م - ١٣١٧ هـ) وكان قد تعلم اللغة الفرنسية وهو ابن أربع وأربعين، وسافر إلى أوروبا عدة مرات، وقد قام بعد عودته من المنفى بنشاط علمي واسع في دروسه بالأزهر، وفتاويه في العالم الإسلامي، ومحاضراته ومقالاته ومراسلاته ومجالسه. ثم انتقل إلى رحمته تعالى في الحادي عشر من