للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١ - آيات إهلاك قوم لوط]

فعند تفسيره لآيات إهلاك قوم لوط يقول: (إنه ليس في الآية ما يدل على أن مواطنهم قلبت رأسًا على عقب، وإنما نزلت هذه الحجارة فهدمت مساكنهم .. ) والمعقول أن المعنى المقصود، أنه تعالى أمطر على القرية الحجارة فدمرت مبانيها، فانهارت وسقط كلّ جزء عال فيها على الأرض فتجمعت في أسافلها. أما قلب القرية فليس في الآية ما يدل عليه أو يرجحه) (١).

وقد حذر العلامة الآلوسي في تفسيره العظيم، من مثل القول الذي ذهب إليه الأستاذ؛ لأنه مخالف لدلالات الآية.

ونقول للأستاذ الفاضل: ولم تستبعد هذا وهو صريح لفظ الآية؟ والمنقول والمعقول لا يأبيان قلب هذه القرى وجعل عاليها سافلها.

ثم يعلل الأستاذ حنفي تأثير تلك الحجارة مع صغرها، بأنها كانت تشتمل على خام أكسيد الحديد، ذي اللون الأحمر، الذي يكسبها صلابة وسرعة في الوصول إلى أهدافها، مستدلًا على هذا بما جاء في بعض الروايات، بأن في تلك الحجارة خطوطًا حمراء، ويقول الله تعالى: {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ} أي معلمة بهذه المخطوط التي تثبت وجود الحديد فيها (٢).

ولا ندري ما الذي أحوج الأستاذ إلى مثل هذا التكلف، ما دام الحدث بحد ذاته خارقًا لمألوف الناس، بعيدًا عما عهدوه، وإذا كان التفسير العلمي يمكن أن يقبل في الآيات التي تتحدث عن الخلق، وبعض ظواهر الكون، فلا يجوز أن نقحم هذا التفسير، لما هو من قبيل الآيات أو المعجزات، فإن ذلك يخرج قطعًا عن مدى الاعتدال ومنطقه المعقول والمقبول.


(١) المرجع السابق ص ١٨٣.
(٢) المرجع السابق ص ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>