وظهر هذا جليًّا في أكثر التفاسير ابتداءً من تفسير الإمام إلى تفسير الظلال. فلم يعد فيها تلك الأقيسة الاقترانية والاستثنائية، وتلك الأدلة والمسائل التي ترجع فيما ترجع لتعقيدات الفلسفة وأحاجيها وألغازها.
[٣ - الرد على الشبهات والافتراءات]
أصيب الإسلام في هذا العصر بنكبات كثيرة، اجتمعت عليه، من أقطار الدنيا المختلفة شرقها وغربها. ولقد كان أعداء الإسلام يسلكون طريقًا، خططوا له ما وسعهم التخطيط، ودبروا وبيتوا ما أمكنهم ذلك. فحاولوا أولًا أن يحولوا بين المسلم وبين سلوكه القويم في عبادته وحياته كلها. فلما كان لهم ما أرادوه، انتقلوا نقلة أخرى وهي زعزعة عقيدته، وإحلال الشبهات والأفكار الغريبة مكان تلك العقيدة، ليتنكر المسلم لدينه، ومن المؤلم أن الكتل الكبرى في هذا العالم وهي -الكاثوليك والبروتستانت والشيوعية واليهودية والوثنية- هذه الخمس على اختلافها، وعلى ما بينها من بغضاء وشحناء، تعمل جاهدة لمحو معالم الإسلام عن ظهر هذه الأرض، ولكن بعد محوها من قلوب المسلمين لذلك كان لزامًا على مفسري القرآن في هذا العصر أن يشمروا عن سواعدهم، ويدفعوا بكل ما عندهم من طاقة وقوة، أمدهم بهما القرآن، الذي لا ينضب معينه، من أحل القضاء على هذه الشبهات، ورد تلك المطاعن، والحيلولة بينها وبين التسرب إلى قلوب المسلمين، فليس غريبًا أن نراهم يلاحقون هؤلاء المضللين والمضللين، فيردوا على هؤلاء الذين أرادوا أن يطفئوا نور الله بأفواههم.
فها هو صاحب المنار مثلًا يرد على منكري الوحي، ومثيري الشبهات حول نبوة الرسول عليه وآله الصلاة والسلام، وحول ما في القرآن من أحكام وقيم. كما يرد على الفرق التي غذاها الاستعمار كالقاديانية والبهائية.
وهذا هو صاحب الظلال يرد نظرية دارون في خلق الإنسان، ونظرية فرويد الذي يزعم أن الانسان يتمرغ في أوحال الجنس ويرجع الظواهر الإنسانية كلها إلى هذا.