للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا رجل التربية الأول رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام، الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه، والذي كان حريصًا على أن يؤدب أمته، يقول معلمًا لأولياء الأمور كيف يعاملون أبناءهم: (مروهم بالصلاة أبناء سبع، واضربوهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) (١) أفيكون هذا تزمتًا؟ !

مخيّر أو مسيّر:

وتحت عنوان (مخيّر أو مسيّر)، يعالج المؤلف مسألة من أخطر المسائل، وأكثرها تعقيدًا، وهي ليست مشكلة الفكر الإسلامي فحسب، بل مشكلة الفكر الإنساني المتدين، منذ أن كانت له كتب سماوية وفلسفات أرضية، إنها مشكلة القدر. ومن الإنصاف أن أعترف بأن المؤلف قد وفق إلى حد في بعض ما قاله ولكن هناك ملاحظات لا بد من تسجيلها هنا.

يعلل المؤلف نهي الرسول عليه وآله الصلاة والسلام، عن الخوض في القدر (لأنه يعلم أن المعضلة من المعضلات الفلسفية العالية التي لا يتيسر الرد عليها بعلوم عصره، وأن الجدل سوف ينزلق إلى متاهة يضيعون فيها. ولذا فضّل الإيمان بالقلب على الثرثرة العقلية العقيمة، وهي وصية لا تنسحب تمامًا على عصرنا، الذي دخلت فيه الفلسفة الجامعات، وأصبحت درسًا ميسرًا، يتلقاه ابن العشرين كل يوم. وبذلك أصبح السؤال مطروحًا بشدة، وفي حاجة إلى جواب ورد شافٍ من الفلسفة، ومن الدين. ومن صميم القرآن ذاته) (٢).

وهنا نتساءل هل كانت مسألة القدر من المسائل العلمية التي تحتاج إلى المختبرات الكيميائية أو آلات التشريح؟ بالطبع لا. هل ما ورد في القرآن من ذكر القدر، يكفي المؤمنين ليشقوا طريقهم في الحياة، وهم يعلنون إيمانهم بكل ما جاء


(١) أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود. انظر المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود جـ ٤ ص ١٢١.
(٢) ص ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>