للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د - وها هو الشيخ رحمه الله يَعُدُّ ما يكتبه من التفسير الواقعي الذي يكون عماده إدامة التدبر، وإطالة التفكر مدارسة قرآنية تثمر الفهم السليم ثم العمل المستقيم، فيقول في تفسير الآية الأولى من سورة الحجرات: "فلنتدارس هذه الآية الكريمة معًا، اقرأها كما قرأتها بتدبر وإنعام، وسَلْ نفسك بعد ذلك هذه الأسئلة كما سألت نفسي من قبلك، وسأجيبُك عنها. فإن طابَقَتْ إجابتي ما وصلتَ إليه فيها، وإن فتح الله عليك بخيرٍ لما فتح به عليَّ فاحمد الله، وإن شئت أن تفيدني إياه فافعل، وأنت في حل إن لم تشأ ذلك، وسأمُدك في هذه الإجابة بما عرفتُ من أسباب النزول والمأثور في الآية الكريمة. وأظنك بعد هذا عرفت أنَّ ما أكتبُه إلى مدارسة القرآن أقربُ منه إلى التفسير، ولم لا نتدارس القرآن؟ ولم لا تكونُ هذه المدارسة نوعًا آخر من أنواع التفسير ومسلكًا مبتكرًا من مسالكه؟ " (١).

٢ - تأثُّره بالأستاذ الإِمام وبمدرسة المنار:

وهذا أمر واضح في تفسير البنا رحمه الله، فهو يُكثر النقل عن الأستاذ الإِمام، ويتبنَّى كثيرًا من آرائه الفكرية والتربوية والتفسيرية، بل يُعجب ببعضها ويُظهر ارتياحه لها، وميله إليها، فتراه يقول مثلًا في تفسير قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة: ٥]: "والعبادة غير العبودية، ولا بدَّ من تفريق بينهما، يشعر بذلك الذوق السليم والطبع المستقيم. وقد ألمَّ الأستاذ الشيخ محمد عبده في تفسيره بهذا المعنى إلمامًا جميلًا، وصوَّر معنى العبادة تصويرًا بديعًا يطمئنُّ به القلب ... " ثم نقل عن الأستاذ الإمام كلامًا طويلًا (٢).

والشيخ البنا ينقل عن الأستاذ الإِمام من تفسير المنار أحيانًا، ومن كتبه الأخرى كرسالة التوحيد أحيانًا أخرى.

وأما تأثره بالشيخ رشيد رضا رحمه الله فيظهر جليًّا حين شرع في إكمال تفسير


(١) مقاصد القرآن ص ٣٦٣.
(٢) ص ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>