المقصود بالرأي هنا الاجتهاد، ولا بد أن يكون الاجتهاد هنا اجتهادًا يستند إلى أسس صحيحة ثابتة، لذلك قسموا الرأي إلى رأي محمود ورأي مذموم، فالرأي المحمود هو الذي يستند إلى اللغة والسياق والمأثور. والرأي المذموم لا يستند إلى شيء من هذه الأسس بل يعتمد على الهوى الناشئ من جهلٍ أو نحلةٍ باطلة.
[رأي الراغب الأصفهاني]
يقول الراغب الأصفهاني: "والتأويل نوعان: مستكره ومنقاد:
فالمستكره: ما يستبشع إذا سُبر بالحجة، ويستقبح بالتدليسات المزخرفة، وذلك على أربعة أضرب:
الأول: أن يكون لفظ عام فيخصص في بعض ما يدخل تحته، نحو قوله تعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}[التحريم: ٤] حمله بعض الناس على علي بن أبي طالب فقط.
الثاني: أن يلفق بين اثنين، نحو قول من زعم أن الحيوانات كلها مكلفة، محتجًا بقوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}[فاطر: ٢٤] وقد قال الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالكُمْ}[الأنعام: ٣٨] فدلّ بقوله: {إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالكُمْ} أنهم مكلفون كما نحن مكلفون.
الثالث: ما استعين فيه بخبر مزوّر أو كالمزوّر كقوله تعالى {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}[القلم: ٤٢] قال بعضهم: عني به الجارحة مستدلًا بحديث موضوع (١).
(١) إن كان الذي يعنيه الراغب ما جاء في الصحيح "يكشف الله عن ساقه" فليس بموضوع، لكننا لا نجعله تفسيرًا للآية.